ولتقوموا إذا وصلتمْ إليهِ – محيي الدين بن عربي

ولتقوموا إذا وصلتمْ إليهِ … ونزلتمْ بهِ عليهِ سنينا

فجوارُ الإلهِ خيرُ جوارٍ … تعلموه يومَ الورودِ يقينا

وادخلوهُ إذا أتيتم إليهِ … دونَ هدى ً بعمرة ٍ محرمينا

فهو الشرع لا تحيدون عنه … وهوَ نصُّ الرسولِ فيهمْ وفينا

معَ هذا فقلتُ عبدٌ تقيٌّ … وسِعَ الحقُّ بالنصوصِ المتينا

حين ضاقت عنه سماءٌ وأرضٌ … نصَّ فيهِ الرسولُ حياً مبينا

فثقلنا كما ثقلنا بقولٍ … حينَ كنا بما أتى مؤمنينا

لمْ نكنْ في الذي ذكرناهُ عنهُ … ونسبنا لذاته مفترينا

فاحمدوا اللهَ إنني لنبيٌّ … لمْ يكنْ مثلهُ نبيٌّ يقينا

من عذابِ الحجابِ في دارِ بعدٍ … حصل الغيرُ فيهِ حزناً وهونا

ما مقامي بأرضِ شرقٍ وغربٍ … وشمالٍ إلا خساراً مبينا

فاعملوا نحوهُ مطيَّ الأماني … لتكونوا لحكمهِ مسلمينا

إنما أنتمُ عبيدٌ دعاة ٌ … لتكونوا بذلكمْ آمنينا

واتقوا الله في الدعاء إليه … فبتقوى إلهكمْ تعملونا

كلٌّ فرقٍ يكونُ ما بينَ هدى ً … وضلالٍ بهِ يكونُ مصونا

منْ أذى باطلٍ وعصمة حقٍّ … ولأشبالٍ أسدِه فعرينا

من يكن هكذا يغزُ بمقامٍ … حازه من أتاه من طورسينا

لم يكن قصده فكان امتناناً … وجزاء لسعيه ليبينا

عندنا جودُه فنعلم حقاً … أنه لم يكن بذاك ضنينا

ولهذا الفقيرُ يطمعُ فيه … وإليهِ شدَّ الحريصُ الوضينا

يبتغي الجودُ والوجودُ جميعاً … لتكونوا لديهِ حيناً فحينا

إنهُ ذو جدى ً وربُّ وفاءٍ … بعيدٍ أضحى لديهِ مكينا

فإذا ما ابتغاه جاء إليه … ومنْ أسمائهِ أراهُ كمينا

فيهِ حتى تراهُ عيناً بعينٍ … شافياً علة ً وداءٌ دفينا

إنه الداءُ والدواءُ جميعاً … لتقوموا بحقهِ أجمعينا

واطلبوا العدلَ حيث كنتم لديه … واسكنوا من أماكنيه عرينا

مثل زيتونة تمد بدهن … نورَ مصباحنا بهِ لترينا

ما أتانا بهِ لضربِ مثالٍ … نعلمُ الحقَّ منهُ حقاً يقينا