وكن روحي لتفنى – بهيجة مصري إدلبي
لأني لا أرى غيري أراكَ … فأنتَ أنا وفي سرّي مداكَ
حملتُ إليكَ ما أخفي فهامتْ … مسافاتي إلى أقصى هواكَ
كأنكَ حين تشربُ من دناني … تصب الخمرُ في روحي لظاكَ
فأرفعُ ما ترسبَ في دمائي … إلى ما قد ترسبَ في دماكَ
أنا سرّ خفيٌ لا يراني … لأني لا أرى غيري – سواكَ
فخذْ ما شئتَ من شكّي يقينا … ومن صمتي حياة أو هلاكا
أنا في وحدتي كالماء وحدي … وأنتَ هناكَ في قاعي هناكَ
أحبكَ إنما لأحبَ نفسي … وأبلغَ سرّها في منتهاكَ
إذا ما الليلُ أغراني بلحن … وكان حنينُه فيّ انتهاكا
تركتُ الروح تسري في مداها … لأدركَها إذا القلبُ احتواكَ
أنا ما كنتُ إلا كي أراني … وأعرفَني وإن ضلّتْ رؤاكَ
أمزقُ عن رؤى روحي ضبابا … يُحوكُ على مسافاتي شباكا
لأكشفَ ما تراكم في ضلالي … وأعرفَ ما اعترانيَ واعتراكَ
أحبكَ فلتكنْ منّي لأنّي … وإن جاوزتَ آفاقي – صداكَ
بلغتُ الصمتَ حين أردتَ قتلي … وسهمُكَ كنتَ تشهدُ إذْ رماكَ
رأيتُك والهوى أمسى هلالا … وكنتَ الريحَ تنصبُ لي شراكا
ولكني لأني لستُ غيري … سأبقى في حمى صمتي ملاكا
وأمضي كي أرى أسبابَ كوني … وتمضي دون حبيَ في عماكَ
أعلمكَ الهوى لا كي تراني … ولكن كي ترى ما في حماكَ
أنا الرؤيا وأنتَ هنا ضلالي … أنا أهديكَ إنْ ضلّتْ خطاكَ
فكن ظلي لتبلغَ سابحاتي … وكن سرّي لتبلغَ مبتغاكَ
وكن نفسي لتعرفَني تماما … وكن روحي لتفنى كي أراكَ