وأبيك لا حيٌّ يدومُ – حيدر بن سليمان الحلي

وأبيك لا حيٌّ يدومُ … فعلام ترمضك الهمومُ؟

لا تجزعنَّ لضاعن … وانظر هديت مَن المقيم

إنّا بنو الدنيا تطيبُ … لنا ومربعُها وخيم

نرجو الشفا لسقيمنا … وصحيحنا فيها سقيم

ونروم أن نبقى بها … والموتُ غاية ُ ما نروم

هذا «الحسينُ» وكان يسـ … ـتسقى بطلعته الغيوم

سائل به محرابَه … إن شئتَ فهو به عليم

يخبرك كم بسناه أمـ … ـسى يزهر الليلُ البهيم

متهجداً لله ودَّت … لثمَ مسجده النجوم

هو واحد التقوى الذي … هي بعد مولده عقيم

رحل الحمام به فتلك … معالم التقوى رسوم

رُفعت برفع سريره الـ … ـبركات وافتُقدَ النعيم

حملوه والتقوى تنا … شده ومدمعُها سجوم

يا ذاهباً لا يُرتجى … أبد الزمان له قدوم

فاللحدُ هل يدرى أأنـ … ـتَ أم الصلاحُ به مقيم؟

قمرُ السماء به توارى … أم محيّاك الكريم؟

إن يوصِ غيرك مَن بأر … ثِ يتيمه ورعاً يقوم؟

فالنسك إرثٌ والوصيُّ … تقاك والزهدُ اليتيم

ومقيم مأتمك التقى … إن التقى نعمَ المقيم

وبك المعزَّى من أتى … في مدحه الذكر الحكيم

القائمُ “المهديُّ” مَن … تُجلى بطلعته الهموم

ورث النبوَّة علمها … فهو الخبيرُ بها العليم

مولى ً بنادي عزِّه … تتضاءل الصيدُ القروم

نادٍ ملائكة ُ السماء … على سرادقه تحوم

وبشمِّ آناف الملوك … ترابُ عتبته شميم

في صدره “المهديُّ” تصـ … ـدر للورى منه العلوم

ملأتْ نتائجه الزمان … وغيره الشكل العقيم

فله الزعامة في الهدى … وسواه في الدعوى أثيم

يا مَن له النسبُ الصريح الـ … ـمحض والحسبُ الكريم

عجباً يروم عُلاك من … لك فوقه الشرفُ القديم

فوق الرغام وتحت نعلك … أنفُ همته رغيم

هبه يرومُ فأين مِن … يد من على الأرض النجوم؟

مثلان خلقُك والنسيمُ … ونداك والغيثُ العميم

ولأنت واسطة العلاء … وولدُك العقدُ النظيم

قومٌ بهم أمِنَ المروعُ … وفيهم أثرى العديم

كلاً تراه “جعفراً” … في الجود وهو لهم زعيم

أرجُ السيادة فيهم … كالمسك ينشره النسيم

رضعوا الإمامة فالجميعُ … بنور عصمتها فطيم

فولاؤهم فرضٌ وهد … يُهم الصراطُ المستقيم

لبس الزمان بهاءهم … فبهم محيّاه وسيم

وبهم لنا الأيام يقطر … من غضارتها النعيم

تهوى السماء بأنها … لصعيد أرضهم أديم

وإذا مشوا فوق الثرى … حسدت نعالهم النجوم

يا سادة العلما ومَن … تزن الجبال لهم حلوم

بكم العزاءُ وحسبنا … من كل ماضٍ أن تدوموا

“أمحمدٌ” في ظلهم … ستنال أقصى ما تروم

فأبوك إن يفقدْ فكلّـ … ـهمُ أبٌ برٌّ رحيم

سيقرَّ عيناً في الثرى … إذ فيك جودُهم يقوم

حيّا الملائكُ قبره … من حيث فيه هو المقيم

وسقته من أنواء عفو … الله واكفة ٌ سجوم