هواك هواك والدنيا شؤون – أحمد محرم

هواك هواك والدنيا شؤون … وللصبوات آونة ً سكون

تقلبني الحوادث والليالي … وحبك عن تقلبها مصون

ظننت سواه أن نزحت دموعي … وأن هدأ التشوق والحنين

رويدك إن أشقى الحب حب … تمشت في جوانبه الظنون

وقبلي أعيت البرحاء قوماً … فما وفت القلوب ولا العيون

وإني لو أشاور فيك رأيي … لكشف غمرتي عقلٌ رصين

يجد علائق الأهواء إلا … هوى ً يبنى به الشرف المكين

ويمنعني الذي تبغين نفسٌ … تهون الحادثات ولا تهون

نماها العلم والحسب المصفى … وأخلاقٌ هي الذخر الثمين

وما للحر إن عدت العوادي … سوى أخلاقه فيها معين

إذا الأخلاق لم تمنع أخاها … أباحته المعاقل والحصون

عزيز النيل أنت له حياة ٌ … وأنت لملكه الركن الركين

ترد روائع الحدثان عنه … مهولاتٍ تذل وتستكين

إذا حادت أماني مصر يوماً … هداها منك نورٌ مستبين

وإن رابت مواقفها الليالي … فمن تاجيك ينبلج اليقين

أضئ نهج الحياة لنا فإنا … أضلتنا الغياهب والدجون

ووال من النوابغ كل حرٍ … له في قومه حسبٌ ودين

تشاوره فما يألوك نصحاً … ولا يجني عليك بما يخون

أتملك دوحة الملك ارتفاعاً … إذا مالت حفافيها الغصون

سل التاريخ وانظر ما أعدت … لك الأمم الخوالي والقرون

عظات الدهر والأجيال منها … ببغدادٍ وأندلسٍ فنون

غوى العلماء فالأخلاق فوضى … جوامح ما تريع وما تلين

تسير من العماية في مخوفٍ … ترامى في جوانبه المنون

رأيت الشعب والأمثال جمٌ … على ما كان مالكه يكون

وما تبقى الممالك لاهياتٍ … تصرفها الخلاعة والمجون

إذا غوت الهداة فلا رشيدٌ … وإن خان الرعاة فلا أمين

وأعجب ما أرى شعبٌ نحيفٌ … يسوس قطيعه راعٍ بدين

أضاع الشرق أهلوه وأودى … به من جهلهم داءٌ دفين

أذلت طاعة الأهواء منهم … نفوساً بالزواجر تستهين

وكانوا كالأسود الغلب عزاً … فضاع العز واستلب العرين

إذا ما أمة ٌ غلبت هواها … فإني بالحياة لها ضمين

عزيز النيل والأمال ظمأى … تلوب وعندك الماء المعين

أعد لها المشارع صالحات … يجانب صفوها كدرٌ وطين