هذا الوجودُ الذي بالعرف نعرفه – محيي الدين بن عربي

هذا الوجودُ الذي بالعرف نعرفه … ليسَ الوجودُ الذي بالكشفِ نعلمُهْ

العقلُ يجهله والفكر ينكره … والذكرُ يظهرهُ والسرُّ يكتمهُ

هوَ الإلهُ ولا تدري مظاهرُه … بأنه عينها والحقُّ يبهمهْ

على العقولِ التي العاداتُ تحجبها … لذاك تنكر ما الأسرار تفهمه

إلا على واحد من كل طائفة … فإنَّ ربكَ بالتعريفِ يكرمهُ

يا ربّ غفراً وعفواً إنني رجلٌ … من يطلب الأمر مني لست أعلمه

إلا بأمرك إن العبد ليس له … تصرفٌ دونَ أمرٍ منكَ يعلمهُ

وهبتني كرماً سرّاً فبحت به … ولم يكن أدباً ما قاله فمه

عتبتَ عبدكَ فيهِ ثمَّ قمتَ بهِ … عنهُ لتحفظهُ إذْ أنتَ تلهمهُ

محوته من صدورٍ أنت تعرفها … بسنة ٍ أو نهاسٍ فاحتمى دمهُ

ما كنتُ أعلمُ أنَّ الأمرَ فيهِ كذا … عند الإله وأن العتب يلزمه

لولا محبتُه فينا لعذبنا … ولا يهانُ منَ الرحمنِ مكرمهُ

إنَّ الذي شاءَ ربي أنْ أدخرهُ … أريد أعربه والحالُ يعجمه

إلا الذي قلبِ منْ قدْ شاءَ خالقنا … يدري به فلسانُ الوقتِ يبرمه

كالتونسيِّ ومنْ يجري بحلبتهِ … منَ القلوبِ التي تعطى وتكتمهُ

أعطيت كلَّ محل ما يليق به … وقلت فيه مقالا لا أجمجمه

يقولُ للقولِ كلْ حتى يكونَ بهِ … منْ بعدِ ذلكَ يأتيهِ يندمهُ

لو لم يكوّنه لم تظهر حقيقته … لكنهُ العلمُ بالمعلومِ يحكمهُ

يقضى عليهِ بهِ فالحقُّ بايعهُ … لكنهُ بحدوثِ العينِ يوهمهُ