هذا الدُّجى والهمُّ في صدري – مصطفى صادق الرافعي
هذا الدُّجى والهمُّ في صدري … كالفحمِ زادَ توهجَ الجمرِ
وكأن أنفاسي بها شعلٌ … طفئتْ من الأجواءِ في بحرِ
وكأنَّ أحزاني بها شررٌ … زحمُ الكواكبِ فهيَ لا تسري
يا ليلُ قطعتَ القلوبَ أسى … فابعث لها بنسائمِ الفجرِ
حتى م تطويني وتنشرني … خلقَ الردا بالطيِّ والنشرِ
ما طالَ عمركَ يا دجى أبداً … غلا ليقصرَ دونهُ عمري
فإذا قضيتُ وأنتَ ذو نفسٍ … فاخبا صباحكَ لي إلى الحشرِ
وإذا دجا ليلُ الحياةِ فدع … يا ليلُ مصباحاً على قبري
أنا والسما خصمانِ في قمرٍ … من حينَ أخجلَ بدرها بدري
حجبوهُ في ظلمٍ كما سدلتْ … ذاتُ الدلالِ غدائرَ الشعرِ
يا بدرُ لا تكمدْ وفيكَ ضنى … لكَ أسوةٌ بالجفنِ والخصرِ
وإذا احتجبتَ ففي الحجابِ هوى … وجمالُ ذاتِ الخدرِ في الخدرِ
هل كنتَ شاهدَنا ونحنُ كما … قرنَ الضميرُ السرَّ بالسرِّ
إلفانِ منطلقانِ في جذلٍ … وهما من الأشواقِ في الأسرِ
هذا لذاكَ هوى وذاكَ بذا … صبٌ كحاسي الخمرِ والخمرِ
ثغراً على ثغرٍ وأحسنَ ما … تجدِ الهوى ثغراً على ثغرِ
يا بدرُ كانتْ ليلةً ومضتْ … وقعَ العصافيرِ على الغُدرِ
بتنا ومن شفةٍ على شفةٍ … حيناً ومن نحرٍ على نحرٍ
أشكو ولا شكوى ويعذرني … بالحبِّ والحبُّ من العذرِ
مثلَ الحمامِ تباكياً وهوى … أما التقى الإلفانُ في وكرِ
هيهاتَ أرسلُ بعدَها أملاً … ضاعَ الرشاءُ اليومَ في البئرِ
يا من شفا عينَ الزمانِ وما … بصرَ الهوى إلا عمى الدهرِ
هبني كتاباً أنتَ مالكهُ … واقرأ ولو حرفينِ من صدري
وعلامَ تهملني وأنتَ ترى … واو الهجا حسبت على عمرو
إن الذين هجرتهم خُلقوا … كالنحلِ لا تحيا بلا زهرِ
فلئنْ تكنْ قد سُؤْتني زمناً … فالحبُّ ذو يسرٍ وذو عسرِ
يرجى الغنى للفقرِ وهو شقا … أفليسَ يرجى الوصلُ للهجرِ
إن تبتعدْ تقربْ إلى أملي … والدهرُ منعكسٌ بما يجري
وإذا قسوتَ تزيدُني طمعاً … كم يخرجُ الماءُ من الصخرِ
وبأضلعي قلبٌ أعللهُ … بالوعدِ أحياناً وبالصبرِ
من كانَ يجني الحلوَ من ثمرٍ … وأمرَّ فليصبر على المرِّ