نبع – بهيجة مصري إدلبي

أنا جئتُ من أقصى الهوى أسعى … والشعرُ يمنحهُ دمي وِسعا

تمشي معي أسرارُ غيبته … فأغيبُ أسمع للرؤى وقعا

أدعو خيالاتي وأُفردُها … لتحلَّ بين قصائدي طوعا

فأعينُها كي تنجلي شغفا … ما شاءت الرؤيا لها مسعى

فإذا فردتُ أصابعي نهضتْ … حولي فراشاتُ الهوى جزعى

إن شفَّ طافتْ حول دهشته … من دهشةٍ أسرارُهُ سبعا

في الوجد أدركُهُ ويدركُني … وإليَّ من آلائه الرُجعى

فكأنني من طين حيرته … وكأنه في حيرتي يرعى

وكأنني والحالُ في قلق ٍ … جَمَعَ المدى في أحرفي جمعا

لاشيء في الأسرار يشبهني … وِتْرٌ أنا لايقبلُ الشفعا

فإذا طويتُ دفاتري طُويتْ … سحبٌ طَوَيتُ بها دمي دمعا

وجهي له مرآةُ وحدته … باسمي نواميسُ الرؤى تُدعى

إن شئتُ يُفضي لي بغامضه … أو شئتُ يلمعُ ومضهُ لمعا

وإذا أردتُ أدور في فلكي … وقصائدي من وجدها صرعى

أنا إن حللتُ به يحارُ هوى … في البعد يصبح مدُّه طبعا

وأنام في أسرار رحلته … ليذوب من فرط الرؤى شمعا

فإذا تبدَّى لي تمردُه … أوحيتُ .. يصدعه الجوى صدعا

وكشفتُ ما تُخفيه خافيتي … وقطعتُ أسبابي به قطعا

وغسلتُ روحي من غوايته … ودفعته عن أحرفي دفعا

وحملتُ أسراري لعزلتها … ورفعتها بصفائها رفعا

وسعيت أنضو عن دمي قلقي … وتركتُ أطيافَ الرؤى فزعى

أنا في مضارب وحدتي وحدي … نبعٌ يعانق في الهوى نبعا