مُنتَزَهُ العبَاسِ للمجتلي – أحمد شوقي

مُنتَزَهُ العبَاسِ للمجتلي … آمنتُ باللهِ وجنَّاته

العيشُ فيه ليس في غيرهِ … يا طالبَ العيشِ ولذاته

قصورُ عزٍّ باذخاتُ الذرى … يودها كسرى مشيداته

من كل راسي الأصل تحت الثرى … مُحير النجمِ بِذِرواته

دارتْ على البحرِ سلاليمهُ … فبتن أَطواقاً لِلَبَّاتِه

مُنتظِماتٌ مائجاتٌ به … مُنمقاتٌ مثلَ لُجَّاتِه

من الرخامِ الندرِ، لكنها … تُنازعُ الجوهَرَ قيماته

من عملِ الإنسِ، سوى أنها … تُنسي سليمانَ وجِنَّاته

والريحُ في أَبوابِه، والجوا … ري مائلاتٌ دون ساحاته

وغابه منْ سارَ في ظلها … يأتي على البسفورِ غاباته

بالطولِ والعرضِ تباهي، فذا … وافٍ، وهذا عند غاياته

والرملُ حالٍ بالضحى مذهبٌ … يُصدِّىء ُ الظلُّ سَبيكاتِه

وتُرْعة ٌ لو لم تكن حُلوَة ً … أَنْسَتْ لَمَرْتِينَ بُحَيْراتِه

أَوْ لم تكنْ ثمَّ حياة َ الثرَى … لم تبقِ في الوصفِ لحيَّاته

وفي فمِ البحرِ لمنْ جاءهُ … لسانُ أرضٍ فاقَ فرضاته

تَنْحَشِدُ الطَّيْرُ بأَكنافِه … ويَجمعُ الوحشُ جماعاتِه

من معزٍ وحشية ٍ، إن جرتْ … أَرَتْ من الجرْي نِهاياتِه

أو وثبتْ فالنجمُ من تحتها … والسورُ في أسرِ أسيراته

وأرنبٌ كالنملِ إن أحصيتْ … تنبتُ في الرملِ وأبياته

يعلو بها الصيدُ ويعلو إذا … ما قيْصَرُ أَلقَى حِبالاته

ومن ظِباءٍ في كِناساتِها … تهيجُ للعاشقِ لوعاته

والخَيْلُ في الحيِّ عراقِيَّة ٌ … تَحمِي وتُحمَى في بُيوتاته

غيرٌّ كأيامِ عزيزِ الورى … محجَّلاتٌ مثل أوقاته