مَن الآتي ؟ – عبدالعزيز جويدة

تَظَلُّ نَوافذُ العُشَّاقِ مُغلقةً

فلا نَدري مَن الآتي

تَعودُ نَوارسُ الشُطآنِ مُرهَقَةً

بأجنحةٍ لَها وَمضٌ كومضِ البَرقْ

فَيجتاحُ ..

قُلوبَ الناسِ إعصارٌ

وزِلزالٌ سيضرِبُ كلَّ ما في العُمقْ

هنالِكَ تَبدأُ الكَلِماتُ أعذبَها

وأحلاها

فيَسري في القلوبِ الرِفقْ

هنالِكَ يَهتدي العاصي

ويُصبحُ قلبُهُ القاسي ..

رَحيمًا عندَ كلِّ الخَلقْ

لأنَّ الحبَّ في النفسِ ..

يُهذِّبُها

ويُلهِمُها صَوابَ الفَصلِ

في الفعلِ وعندَ النُطقْ

فَهل أحبَبتَ في يَومٍ

ودَارَ الكأسُ والساقي

وذُقتَ الشوقْ ؟

أتعرفُ أن كلَّ الناسِ

قبلَ الحبِّ يَحيَونَ ..

حياةَ الرِّقْ

فإن عَشِقوا وإن ذابوا

فإن الحبَّ يَمنحُهم صُكوكَ العِتقْ

فَيَنطلقونَ في نَهَمٍ

كسِربٍ مِن فراشاتٍ تِجاهَ الأفقْ

فلا تَسمعْ ..

لَهم صوتًا

سِوى الصوتِ الذي يَأتيكَ

عِندَ الصَّعقْ

كأنَّ نِهايةَ العُشاقِ قد حُسِمتْ

فإما الموتَ مَصعوقًا

وإما الموتَ في نارِ الجَوى والشوقْ

مهما جرى

مَهما جَرى

قد يَستحيلُ رُجوعُنا

أو يَستحيلُ خُضوعُنا

ها نحنُ نَحرِقُ آخرَ الأوراقْ

كنتِ الوجودَ بأسرِهِ

كنتِ الحنينَ وقلبيَ الخفَّاقْ

بيني وبينَكِ ألفُ سَدٍّ في الغرامِ

بِرَغْمِهِمْ إعصارُ حبِّكِ يَضرِبُ الأعماقْ

حتى وإن كانَ الذي يومًا عشقْناهُ ..

بقايا خُدعَةٍ

فلنستمِرْ

كأسانِ في ظلِّ الهوى

أحلاهُما واللهِ مُرْ

طعمُ المرارةِ في فَمي

وأنا الذي مازلْتُ أسألُ

يا تُرى

مَن فيهِما ..

سيكونُ في العشقِ الأمَرْ ؟

هُنَّــا وَهَانَتْ في الحَيَاةِ مدامعي

لا لن أقولَ لكِ ارجِعي

وهْمُ القصائدِ والرسائلِ

ماتَ في حِضْنِ الورقْ

هي رحلةُ العشاقِ لَـمَّا

تَنتهي ..

ويَموتُ فيها العاشقونَ على الطُرُقْ

كحوادثِ السيرِ المثيرةِ عِنْدَمَا

في لحظةٍ بابُ المَحبَّةِ يَنغلِقْ

أوَّاهُ مِن طولِ الليالي …

ثُمَّ آهٍ آهِ مِن طولِ الأرقْ

عُمري سُرِقْ

طفلٌ على بابِ المحبَّةِ ظلَّ يَبكي

لكنَّهُ وسَطَ التفاصيلِ الصغيرةِ

قد غَرِقْ

عَذراءُ يُحكَى أنها كانتْ إذا احترقَتْ

يَفوحُ الطيبُ منها والعَبَقْ

هذا خيالُ الشعرِ يَسرحُ في ضِفافِكِ

ثم يَمرحُ في ضُلوعي

ثم صوتي يَختنِقْ

أوَّاهُ يا قلبي الذي أدمنتَها

ورَجَعْتَ وحدَكَ في الطريقِ بلا أملْ

خابَ الرجاءُ

تَحطَّمَتْ أُسطورتي

وهَوَتْ على رأسي النجومُ

فَلَمْ يَعُدْ في القلبِ شيءٌ يُحتَمَلْ

تلكَ النهايةُ رغمَ كلِّ طُقوسِها

هي ليستْ المأساةَ لكنْ ..

تتجسَّدُ المأساةُ في جُرحٍ

مُحالٍ يَندَمِلْ

تَبكينَ كيفَ

وأنتِ أولُ صانعيها

هي كُلما خَمَدَتْ أراكِ

تُضَرِّمينَ النارَ فيها

أنا ما عَرَفتُكِ أيَّ يومٍ صَدِّقي

في كلِّ ثانيةٍ قِناعْ

يومًا زرعتُكِ في ضلوعي سوسَنَةْ

قد أثمرَتْ في داخلي الأوجاعْ

يومًا رأيتُكِ تَخدعينَ ، وتَكذبينَ

وأردتُ أن أجتثَّ حبَّكِ من دمي

لكنَّ قلبي

ما استطاعْ

.