مَا طُولُ عَذْلِكِ للمُحبِّ بنافِعِ؛ – ابن زيدون

مَا طُولُ عَذْلِكِ للمُحبِّ بنافِعِ؛ … ذهبَ الفؤادُ، فليسَ فيه براجعِ

فنْدّتِ حِينَ طَمِعْتِ في سُلوَانِهِ؛ … هيهاتَ لا ظفرٌ هناكَ لطامعِ

فدعيهِ، حيثُ يطولُ ميدانُ الصِّبا، … كيمَا يجرّ بهِ عنانَ الخالعِ

ماذا يريبُكِ منْ فتى ً، عزّ الهوَى … فعنَا لِنَخْوَتِهِ بِذِلّة ِ خاضِعِ

هَلْ غَيرَ أنْ مَحضَ الوَفَاءِ لغَادِرٍ؛ … أو غيرَ أنْ صدقَ الوصالَ لقاطعِ؟

لمْ يهوَ منْ لمْ يمسِ قرّة ِ عينِهِ … سَهَرُ الصّبَابَة ِ، في خَليٍّ هاجِعِ

واهاً لأيّامٍ خلَتْ، ما عهدُهَا، … في حينَ ضَيّعَتِ العُهُودَ، بِضَائِعِ

زَمَنٌ كما رَاقَ السّقِيطُ من النّدَى ، … يستنّ في صفحاتِ وردٍ يانعِ

أيّامَ إنْ عَتَبَ الحَبيبُ، لَهَفْوَة ٍ، … شَفَعَ الشّبابُ، فكانَ أكرَمَ شافِعِ

ما لي وللدّنْيَا، غرِرْتُ، منَ المُنى … فِيها، بِبَارِقَة ٍ السّرابِ الخادِعِ

مَا إنْ أزالُ أرومُ شُهْدَة َ عاسِلٍ، … أُحْمَى مُجاجَتَهَا بإبْرَة َ لاسِعِ

منْ مبلغٌ عني البلادَ، إذا نبتْ، … أنْ لَستُ للنّفسِ الألُوفِ بِناخِعِ

أمّا الهوانُ، فصنْتُ عنهُ صفحة ً … أغشَى بهَا حدّ الزّمانِ الشّارعِ

فَلْيُرْغِمِ الحَظَّ المُوَلّيَ أنّهُ … وَلّى ، فَلَمْ أُتْبِعْهُ خُطْوَة َ تابِعِ

إنّ الغني لهوَ القناعة ُ، لا الّذي … يشتفّ نطفة َ ماء وجْهِ القانعِ

أللهُ جارُ الجهوريّ، فطالمَا … مُنِيتْ صَفاة ُ الدّهرِ مِنْهُ بِقَارِعِ

ملكٌ درَى أنّ المساعيَ سمعة ٌ، … فسعَى ، فطابَ حديثُهُ للسّامعِ

شِيَمٌ هيَ الزّهْرُ الجَنيّ، تَبَسّمَتْ … عَنْهُ الكَمَائِمُ، في الضَّحاء الماتعِ

أغرَى منافسَهُ ليدرِكَ شأوَهُ، … فشآهُ بالباعِ الطّويلِ الواسعِ

ثَبْتُ السّكِينَة ِ في النّدِيّ، كأنّمَا … تِلْكَ الحُبا لِيثَتْ بهَضْبِ مَتالِعِ

عذبُ الجَنى للأولياء، فإنْ يهجْ … فَالسّمُّ يَأبَى أنْ يَسُوغَ لِجّارِعِ

يا أيّهَا المَلِكُ الّذي حاطَ الهُدَى ، … لولاكَ كانَ حمى ً قليلَ المانعِ

أنِسَ الأنَامُ إلَيْكَ فيهِ، فهُمْ بهِ … منْ قائمٍ، أوْ ساجدٍ، أو راكعِ

مُتَبَوّئونَ جَنَابَ عَيْشٍ مُونِقٍ؛ … مُتَفَيّئُونَ ظِلالَ أمْنٍ شَائِعِ

فلتضرِبَنْ معهمْ بأوفرِ شركَة ٍ … في أجرِهِمْ، مِنْ مُوتِرٍ أوْ شافِعِ

خَيرُ الشّهُورِ اختَرْتَ، عند طُلُوعه، … خَيرَ البِقَاعِ لَهُ بِأسْعَدِ طالِعِ