مَا استَعبَدَ الحِرْصُ مَنْ لهُ أدَبُ – أبو العتاهية

مَا استَعبَدَ الحِرْصُ مَنْ لهُ أدَبُ … للمَرْءِ في الحِرْصِ همّة ٌ عَجَبُ

للّهِ عَقلُ الحَريصِ كَيفَ لَهُ، … فِي جمعِ مالٍ مَا لَهُ أدَبُ

مَا زالَ حِرْصُ الحرِيصِ يُطْمِعُهُ … في دَرْكِهِ الشّيءَ، دونَه الطّلَبُ

مَا طابَ عيشُ الحريصِ قَطُّ ولاَ … فارَقَهُ التّعسُ مِنْهُ والنّصَبُ

البَغْيُ والحِرْصُ والهَوَى فِتَنٌ … لم يَنْجُ عنها عُجْمٌ ولا عَربُ

ليَسَ على المَرْءِ في قَناعَتِهِ، … إنْ هيَ صَحّتْ، أذًى ولا نَصبُ

مَن لم يكِنْ بالكَفافِ مُقْتَنِعاً، … لَمْ تكفِهِ الأرْضُ كلُّهَا ذَهَبُ

مَنْ أمكَنَ الشَّكَّ مِنْ عزِيمتِهِ … لَمْ يَزَلِ الرأْيُ مِنْهُ يضْطَرِبُ

مَنْ عَرَفَ الدَّهْرُ لمْ يزلْ حذراً … يَحذرُ شِدَّاتِهِ ويرْتقِبُ

مَنْ لَزِمَ الحِقْدَ لم يَزَلْ كَمِداً، … تُغرِقُهُ، في بُحُورِها، الكُرَبُ

المَرْءُ مُستَأنِسٌ بمَنْزِلَة ٍ، … تُقْتَلُ سُكّانُها، وتُستَلَبُ

والمرءُ فِي لهوهِ وباطِلِهِ … والمَوْتُ مِنْهُ فِي الكُلِّ مقتَرِبُ

يا خائفَ الموتِ زالَ عنكَ صِباً … والعُجْبُ واللّهْوُ مِنكَ واللّعِبُ

دارُكَ تَنعَى إلَيكَ ساكِنَهَا، … قَصرُكَ تُبلي جَديدَهُ الحِقَبُ

يا جامِعَ المالِ منذُ كانَ غداً … يأْتِي عَلَى ما جمعتَهُ الحرَبُ

إيَّاكَ أنْ تأْمَنَ الزَّمَانَ فَمَا … زالَ عَلَيْنَا الزّمانُ يَنْقَلِبُ

إيَّاكَ والظُّلْمَ إنَّهُ ظُلَمٌ … إيَّاكَ والظَّنُّ إِنَّهُ كذِبُ

بينَا تَرَى القَوْمَ فِي مَجَلَّتِهِمْ … إذْ قيلَ بادوا، وقيلَ قَد ذَهَبُوا

إنِّي رأَيْتُ الشَّرِيفَ معتَرِفاً … مُصْطَبِراً للحُقُوق، إذْ تَجِبُ

وقدْ عَرَفْتُ اللِّئامَ لَيْسَ لهمْ … عَهْدٌ، ولا خِلّة ٌ، ولا حَسَبُ

احذَرْ عَلَيْكَ اللِّئامَ إنَّهُمُ … لَيسَ يُبالُونَ منكَ ما رَكِبُوا

فنِصْفُ خَلْقِ اللِّئامِ مُذْ خُلِقُوا … ذُلٌّ ذَليلٌ، ونِصْفُهُ شَغَبُ

فِرَّ مِنَ اللُّؤْمِ واللِّئامِ وَلاَ … تَدْنُ إليْهِمْ فَإنَّهُمْ جَرَبُ