مل بي عن الوردِ واسقني القدحا – مصطفى صادق الرافعي

مل بي عن الوردِ واسقني القدحا … فوردُها من خدودكَ افتضحا

وقد شكى للنسيمِ خجلتهُ … فحينَ مرَّ النسيمُ بي نفحا

وقم بنا نصطبحُ معتقةً … واسمح بها فالزمانُ قد سمحا

كأنها فرحةً على كبدٍ … تنقضُ عنها الهمومَ والترحا

فاجلُ بها لنفسَ إنها صدأتْ … وآس بها القلب إنهُ قرِحا

وقل لمن لامني على سفهٍ … ما ضرَّنا أنْ نابحاً نبحا

أما ترى الدَّنَّ قد جرى دَمُهُ … كأنه من لحاظكَ انجرحا

يمجُّ راحاً كأنَّ شعلتها … تحت الدياجي شعاعُ شمسِ ضحى

أخفُّ عندي ممن ضنيتُ به … روحاً وأخفى من الضَّنا شبحا

وإن ترَ الهمَّ قاتلاً فرحي … فانظر كيف تبعثُ الفرحا

الفجرُ ما كان ينزوي حزناً … في الأفقِ حتى رآكَ فانشرحا

والطيرُ قد كانَ فوقَ منبرِهِ … عياً فلما سكبتها صَدَحا

والفلُّ والياسمين من حسدٍ … كلاهما فوقَ غصنِهِ انطرحا

تنافسا في الجمالِ آونةً … فحينَما لاحَ وجهكَ اصطلحا