مرَّتْ على الخُفاشِ – أحمد شوقي
مرَّتْ على الخُفاشِ … مليكة ُ الفراشِ
تطيرُ بالجموعِ … سعياً إلى الشموعِ
فعطفتْ ومالت … واستضحكت فقالتْ :
أَزْرَيْتَ بالغرامِ … يا عاشقَ الظلامِ
صفْ لي الصديقَ الأسودا … الخاملَ المُجَرَّدا
قال: سأَلتِ فيه … أصدقَ واصفيهِ
هو الصديقُ الوافي … الكاملُ الأَوصافِ
جِوارُهُ أَمانُ … وسرُّه كتمانُ
وطرفُه كليلُ … إذا هفا الخليلُ
يحنو على العشَّاقِ … يسمعُ للمشتاق
وجملة ُ المقالِ … هو الحبيبُ الغالي
فقالتِ الحمقاءُ … وقولها استهزاءُ
أَين أَبو المِسْكِ الخَصِي … ذو الثَّمَنِ المُسْتَرْخَصِ
منْ صاحبي الأميرِ … الظاهرِ المنيرِ ؟
إن عُدَّ فيمن أَعرِفُ … أَسمُو بِه وأَشرُفُ
وإن سئلتُ عنهُ … وعن مكاني منهُ
أُفاخِرُ الأَترابا … وأَنثني إعجابَا
فقال : يا مليكهْ … ورَبَّة َ الأَريكهْ
إنّ منَ الغُرُورِ … ملامة َ المغرورِ
فأَعطِني قفاك … وامضي إلى الهلاك
فتركتهْ ساخرهْ … وذهَبتْ مُفاخِرهْ
وبعد ساعة ٍ مضَتْ … من الزمانِ فانقضَتْ
مَرَّتْ على الخُفَّاشِ … مليكة ُ الفراشِ
ناقصة َ الأعضاءِ … تشكو من الفناءِ
فجاءَها مُنهَمِكا … يُضحِكه منها البُكا
قال : ألم أقل لكِ … هَلكْتِ أَو لم تَهلِكي
رُبَّ صديقٍ عبدِ … أبيضُ وجهِ الودّ
يَفديك كالرَّئِيسِ … بالنَّفْسِ والنفيسِ
وصاحبٍ كالنورِ … في الحسنِ والظهورِ
معتكرِ الفؤادِ … مضيِّع الودادِ
حِبالُه أَشراكُ … وقُرْبُه هلاكُ؟