ما عَلى حاديهُمُ لو كان عاجا – ابن معصوم المدني

ما عَلى حاديهُمُ لو كان عاجا … فقضى حين مَضى للصبِّ حاجا

ظعنوا والقلب يقفو إثرهم … تبع العيس بكوراً وادِّلاجا

سلكوا من بطن فجٍّ سبلاً … لا عَدى صوبُ الحيا تلك الفِجاجا

هم أراقوا بنواهم أدْمُعي … وأهاجُوا لاعجَ الوجدِ فهاجا

كم أداجي في هواهم كاشحاً … أعجز الكتمان مَن حبَّ فداجى

وعذولاً يُظهرُ النُّصحَ بهم … فإذا نهْنَْهُتُه زاد لَجاجا

طارحتني الورقُ فهم شجناً … والصَّبا أوحتْ شَجاً والبرقُ ناجى

يا بريقاً لاح من حيِّهم … يصدع الجوَّ ضياءً وابتلاجا

أنت جدَّدت بتذكارهُمُ … للحشى وْجداً وللطَّرف اختلاجا

هات فاشرح لي أحاديثهُمُ … إنَّها كانت لما أشكو عِلاجا

علَّها تُبرىء وَجْداً كامِناً … كلَّما عالجته زادا اعتلاجا

ما لقلبي والصَّبا ويح الصَّبا … كلَّما مرَّت به زادَ اهْتياجا

خطرت سكرى بريَّا نشرهم … وتحلَّت منهُم عِقداً وتاجا

يحسدُ الرَّوضُ شذاها سَحَراً … فترى الأغصان سرّاً تتناجى

آه من قومٍ سقوني في الهوى … صِرفَ حبٍّ لم أذقْ مَعْه مِزاجا

خلَّفوا جسمي وقلبي معهم … كيفما عاجت حُداة ُ الركبِ عاجا

أتراهُم عَلِموا كيفَ دَجا … مربعٌ كانوا لناديه سراجا

أم دَرَوا أنَّا وردْنا بَعدَهم … سائغَ العَذْبِ من البَلوى أجاجا

وهم غاية ُ آمالي هُمُ … سار في حبِّهم ذكري فراجا

لا عَراهُمْ حادثُ الدهرِ ولا … بَرحَتْ أيَّامُهم تُبدي ابْتِهاجا