ما ست فأزرت بالغصون الميس – ابن معصوم المدني

ما ست فأزرت بالغصون الميس … وأتتكَ تخطُر في غِلالة ِ سُندس

وتبرجت جنح الظلام كأنها … شمسٌ تجلَّت في دَياجي الحِنْدِس

تختال بين لِداتِها فتخالها … بدراً بدا بين الجواري الكنس

أرِجَت يريَّاها الصَّبا وتضوَّعت … أنفاسُها والصبحُ لم يتنفَّس

ووَفتْ بمَوعِدها وباتَ وُشاتُها … للوجد بين عَمٍ وآخر أخرسِ

والبرقُ يخفقُ قلبُه من غَيرة ٍ … والنجم يرمقنا بمقلة أشوس

يا طيبَ ليلتِنا بمُنعَرَج اللِّوى … ومبيتنا فوق الكثيب الأوعس

إذْ باتَ شَملي في ضمانِ وصالها … والقربُ يُبدلُ وحشتي بتأنُّسِ

والليلُ يكتمُ سِرَّنا ونجومُه … تَرنو الينا عن لحاظٍ نُعَّسِ

وسَنى المجرَّة في السَّماءِ كأنَّه … نهرٌ تدفَّق في حديقَة ِ نَرجسِ

باتت تدير علي من ألحاظها … كأساً وأخرى من لماها الالعس

حتى إذا رقَّ النسيمُ وأخفقت … من أفق مجلسِنا نجومُ الأكؤُس

قالت وقد واليتُ هَصرَ قوامِها … ضاق الخناقُ من العِناق فنفَّسِ

ثم انثنت حذر الفراق مروعة ً … في هيئة المُسْتوحِش المستأنسِ

تتنفَّسُ الصُّعَداءِ من وجدٍ وقد … غص الظلام بصحبه المتنفس

واسْتعجلَتْ شدَّ النِّطاق وودعت … توديع مختلسٍ بحيرة مبلس

لله غانية ٌ عَنَتْ لضيائها … شمس الضحى إذا أشرقت في الأطلس

سلبت نفوسَ أولي الغرام صبابة ً … بجمالها الباهي السنيِّ الأنفسِ

وسألتها نفسي فقالت حيرة ً … أيُّ النفوس فقلتُ أغلى الأنفس

لم أنسها يوماً فأذكر أنسها … لا كان من ينسى الأحبة أو نسي

هذا الحسينُ ابنُ الحسين أخو العُلى … علقت يدي منه بودٍ أقعس

لم يُنسِهِ بُعدُ الدِّيارِ مودَّتي … يوماً وعهدي عنده لم يبخس

وسواه يظهر وده بلسانه … وخميره كصحيفة المتلمس

هذا الوفيُّ الهاشميُّ المجتبى … غوثٌ الجليس له وبدر المجلس

طابت أُرومة ُ مجده فزكتْ به … والغرس يعرب عن زكاء المغرس

ايهٍ أخا المَجدِ المؤثَّل والعُلى … لله درك من أديبٍ أكيس

وافت قصيدتُكَ التي فعلت بنا … فعلَ المُدامة بالنُّهى والأرؤُس

ألبستها وشي الكلام فأقبلت … مختالة ً تزهو بأبهى مَلبَسِ

ما ضر سامعها وقد جليت له … أن لا يجيل كؤوسها أو يحتسي

جددت لي عهد الصبا بنسيبها … وربوعُ عهدي بالصِّبا لم تُدرَسِ

وإليكها غراء تستلب الحجا … وتروض كل جموح طبعٍ أشرس

نضَّدتُ عِقدَ نِظامها وبعثتُها … دُرَراً تفوقُ على الدَّراري الخُنَّسِ

وكسوتها من وصف ودك حلة ً … هزَّت لها عِطف المحلَّى المكتسي

تُجلى عليك ونجمُ سعدِك مُشرقٌ … في قمة الفلك الرفيع الأطلس