ماعلى الأحرار من رِقٍّ إذا – ابن الرومي
ماعلى الأحرار من رِقٍّ إذا … نَقَدوا شكرهم مَوْلى أيادِي
إنَّما الرقُّ سِخابٌ لامرىء … لبس النعماء والكفرانُ بادي
وكذا رقّ الأيادي لازم … جِيدَ من أنكره حتى التنادي
والمقرُّونَ به قد خلعوا … طوْقَه عنهم بحكم غيْرِ عادي
إنما النُّعْمَى صِفادٌ فإذا … لَقِيت شكراً فليست بصِفادِ
ولقد كافأ بالنعمى امْرُوٌ … كافأ النعمى بإخلاص الودادِ
إن يكن نُوِّلَ نيْلاً من يد … فلقد نَوَّلَ نيْلاً من فؤادِ
فاغدُ في أمنٍ من الرقِّ ومن … سطوة الدهر وذل الاضطهادِ
قد أوى جار الذي جاورته … خير مأْوى ورعى في خير وادِ
العلاءُ المبتَني شُمَّ العُلا … مُنْجِد المنجود طَلاَّع النِّجادِ
يَمَمَتْ همتُه قصوْى المَدى … فجرى جَرْيَ جواد لجوادِ
تَجدُ المُتلَفَ من أمواله … واقعاً منه وقوع المستفادِ
فهولا يفترُ من سَحِّ الندى … ببنانٍ سَبِطاتٍ لا جِعاد
غيرُ لاهٍ باللُّهى بل عالماً … أنّ بذل العُرف من خير عتادِ
مستزيداً في مَعَالٍ جمَّة … ليس فيها لامرىء من مستزادِ
لاترى استطراف علْقٍ طارفٍ … شيمة ً منه ولا إلْفَ تلادِ
كُلُّ ذخرٍ لمعاشٍ عنده … مُقْتنى ً من فضل زادٍ لمعاد
بذل الدنيا بكفٍّ سمحة ٍ … مثلُها ضُمِّن أرزاق العبادِ
وتولاَّها بعقلٍ راجحٍ … مثله قُلِّد إصلاحَ البلادِ
سالكاً في كل فَجٍّ وحْدَه … حين لا يُوحشه طولُ انفرادِ
غانياً عن كل إرشادٍ بما … فيه من فضل رشاد وسدادِ
وكذاك البدر يسري في الدجى … وله من نفسه نورٌ وهادي
لم يُكانفْهُ على الأمر امرؤ … إنه أوْحَدُ من قوْمٍ وحادِ
حسْبه من كلِّ رأي رأيه … مُستشاراً في الملمَّات الشِّدادِ
أصبح الناس سواداً حالكاً … وهُوَ الغُرَّة ُ في ذاك السوادِ
فليعشْ مابقيتْ آثارُه … وهي أبقى من شَرَوْرَى ونَضَاد