ماذا تصباك من حال تجددها – جبران خليل جبران
ماذا تصباك من حال تجددها … عن عهد عنترة العبسي في القدم
هل ملتقى يجمع الروح التي رجعت … أدراجها والتي تزجي من العدم
وما احتيارك عبدا محربا خشنا … البداوة فظ اللون والأدم
مهيما بفتاة بنت سادته … يشكو هواه بمنظوم من الكلم
يحكي الحكاة لنا عنه توغله … في الفتك بالناس فتك الآكل النهم
ولينه في تصابيه وغلظته … في ملعب الموت بين السمر والخذم
فهو المتيم يستقضي لبانته … وهو المكافح حب القتل والقنم
ذاك الذي قاله عنه الرواة فهل … بدا مزيد لفكر الباحث الفهم
حياك ربك يا من قام ينصفه … بالعلم من جهل سمار ومن تهم
ما كان عنترة في القوم غير فتى … يرى لهم ما يراه قادة الأمم
إن أمكن الحب منه حين خلوته … فاسمع الناس فيه أشوق النغم
فإن ما كان يبغيه لأمته … أسمى أماني حر غير متهم
سقى هوى عبلة من ماء أدمعه … وكاد يروي الفلا من أجلهم بدم
والحب ألزم للأرواح ما عظمت … وقد يكون لها أدعى إلى العمم
فإن ظفرت بعزهاة ومنصبه … في المالكين فتلك النفس في الخدم
أربتنا من فتى عبس حقيقته … حقيقة المرء لمي وصم ولم يصم
حقيقة البدوي الحر مبتغيا … لقومه غير باغ ألفة الرحم
يهدي لعبلة ما يوحي الغرام له … وللحقيقة وحي العزم والشمم
وإنما سؤله إعزاز موطنه … وقومه باتحاد الرأي والهمم
فإن رنا وهلال الشهر مبتسم … حياة من أمل في الأفق مبتسم
منبيء بسناه عن سنى قمر … ماحي الظلام نبي حاطم الصنمم
فيا معيدا إلينا اليوم عنترة … في يقظة شابها لطف من الحلم
بشبه ما جودت نظما قريحته … في خير ما جودته ألسن العجم
أريت من كان يرمينا بمنقصة … أنا بنو بجدة الأفلاح إن نرم
وأننا القوم نستبقي مفاخرنا … حتى تواتينا الأقدار من أمم
وأن ما بين ماضينا وحاضرنا … من العلاقة حبلا غير منفصم
وأننا أمة تهوى مواطنها … حتى على الذكر من عاد ومن إرم
وأن كل بيان طوع خاطرنا … ونحن أهل بيان السيف والقلم
وأن كل فتى منا بمفرده … شمل جميع من الآداب والشيم
وأننا لو تآلفنا لما عجزت … بنا النهى عن مقام في العلى سنم
فيا سرورا بذكر أنت باعثه … ويا أسى لحمى بالجهل منقسم