لَواعِجُ الحُبِّ أُخفيها وَأُبديها – الأبيوردي
لَواعِجُ الحُبِّ أُخفيها وَأُبديها … والدَّمْعُ يَنشُرُ أَسْراري وَأَطْويها
وَلَوْعَة ٌ كَشَباة ِ الرُّمْحِ يُطْفِئُها … تَجَلُّدي وَأُوارُ الشَّوقِ يُذكيها
إِحْدى كِنانَة َ حَلَّتْ سَفْحَ كاظِمَة ٍ … غَداة َ سألَ بِظُعْنِ الحَيِّ واديها
فَلَسْتُ أدري أَمِنْ دَمْعٍ أُرَقْرِقُهُ … أَمْ مِنْ مَباسِمِها ما في تَراقيها
ذَكَرْتُ بِالرَّمْلِ مِنْ حُزْوَى رَوادِفَها … وَالعَيْنُ تَمْرَحُ عَبْري في مَغانيها
بحيثُ تَرشَحُ أُمُّ الخِشْفِ واحِدَها … على مَذانِبَ تَرْعى في مَحانيها
دارٌ على عَذَباتِ الجِزْعِ ناحِلَة ٌ … تُميتُها الرِّيحُ والأَمطارُ تُحْييها
حَيَّيْتُها وَجُفونُ العَيْنِ مُتْرَعَة ً … بِأَدْمُعٍ رَسَبَتْ فيها مَآقيها
وَقَلَّ لِلدّارِ منّي مَدْمَعٌ هَطِلٌ … وَعَبْرَة ٌ ظَلْتُ في رُدْني أُواريها
فقد نَضَوْتُ بِها الأَيَّامَ ناضِرَة ً … تُغْني عَنِ السَّحَرِ الأَعْلى لَياليها
أَزْمانَ أَخْطِرُ في بُرْدَيْ هَوى ً وَصِباً … بِلِمَّة ٍ يُعْجِبُ الحَسْناءَ داجيها
فَانْجابَ لَيْلُ شَبابٍ كنتُ آلَفُهُ … إذ لاحَ صُبْحُ مَشيبي في حَواشيها
يا سَرْحَة َ القاعِ رَوَّاكِ الحَيا غَدَقاً … مِنْ دِيمة ً هَطَلَتْ وُطْفاً عَزاليها
زُرْناكِ وَالظِّلُّ أَلْمى فَاسْتُريبَ بِنا … ولم يُنِخْ عِنْدَكِ الأَنْضاءَ حاديها
وَمَسْرَحُ المُهْرَة ِ الدَّهْماءِ مُكْتَهِلٌ … لَوْ كانَ بِالرَّوْضَة ِ الغَنَّاءِ راعيها
لَوَيْتُ عَنْهُ عِناني وَهْيَ تَجْمَحُ بي … وَالبيضُ مُرْتَعِداتٌ في غَواشيها
مُهْرَ الفَزارِيِّ غُضَّ الطَّرْفَ عن نُغْبٍ … يُروي بِها إبِلَ العَبْسِيِّ ساقيها
فقد نَمَتْكَ جيادٌ لا تُلِمُّ بِها … حَتّى تَرى السُّمْرَ مُحْمَرّاً عَواليها
كَأَنَّ آذانَها الأَقلامُ جارِيَة ً … بِما نبا السَّيْفُ عَنْهُ في مَجارِيها
منها النَّدى وَالرَّدى فالمُعْتفونَ رَأَوْا … أَرْزاقَهُمْ مَعَ آجالِ العِدا فيها
بِكَفِّ أَرْوَعَ لَمْ يَطْمِحْ لِغايَتِهِ … ثَواقِبُ الشُّهُبِ في أَعْلى مَساريها
يُمْطي ذُرا الشَّرَفِ العاديِّ هِمَّتَهُ … مُلْقى ً على الأَمَدِ الأَقصى مَراسيها
ذو سُؤْدَدٍ كَأَنابيبِ القَنا نَسَقٍ … في نَجْدَة ٍ من دماءِ الصِّيدِ تُرْويها
يُزْهى بِها الدَّهْرُ وَالأيّامُ مُشْرِقَة ٌ … تَهُزَّ في ظِلِّهِ أَعْطافَها تيها
وَعُصْبَة ٍ مُلِئَتْ أَسْماعُهُمْ كَلِماً … ظَلِلْتُ أَخْلُقُها فيهِمْ وَأَفْريها
أُوطَأْتُهُمْ عَقِبي إذ فُقْتُهُمْ حَسَبا … بِراحَة ٍ يَرْتَدي بِالنُّجْحِ عافيها
فَقُلِّدَ السَّيْفَ يَوْمَ الرَّوْعِ طابِعُهُ … وَأُعطيَ القَوْسَ عِنْدَ الرَّميِ باريها
أَرى أُهيلَ زماني حاوَلوا رُتَبي … وَلِلِنُّجومِ ازوِرارٌ عَنْ مَراقيها
وَلِلصُّقَورِ مَدى ً لا تَرْتَقي صُعُداً … إليهِ أَغْرِبَة ٌ تَهْفو خَوافيها
لولا مَساعيكَ لم أَهْدِرْ بِقافِيَة ٍ … يكادُ يَسْتَرْقِصُ الأَسْماعَ راويها
إذا وَسَمْتُ بِكَ الأَشْعارَ أَصْحَبَ لي … أَبِيهُّا فيكَ وَانْثالَتْ قَوافيها