لم تزل بدراً – جمال مرسي

يا غريباً في الليل أنت كمثلي … و كلانا في وحدةٍ و اغترابِ

تحسد الأنجمُ الزواهرُ خِلِّي … آهِ لو تدري ما بِهِ من عذابِ

لاحَ للعينِ مشرقاً و منيراً … وهْوَ يشكو من صخرِهِ و الهضابِ

قلتُ يا بدرُ : لم تزل أنت بدراً … وسميراً لسائر الأحبابِ

لم تزل مُلهمَ الأديبِ فنوناً … و معينَ الساري و حارس بابي

لم تبُحْ يوماً مُذ خُلِقْتَ بسرٍ … قلتُهُ في ملالتي و اكتئابي

ترمق الأرض شامخاً ، لا تُبالي … عاش هذا ، أو راح ذا في الترابِ

صامداً في الآفاقِ فرداً ، أنيقاً … و فتيّاً في عُنفوانِ الشبابِ

تختفي أحياناً ، و تطلع أخرى … سائلاً عن أحوالنا في الغيابًِ

فترانا من حزننا في وجومٍ … قد غرقنا في حيْرةٍ و اضطرابِ

نحن أهلُ الأرضِ المساكين عشنا … في صراعٍ ، كأننا أهلُ غابِ

ينهش القادرُ الضعيفَ جهاراً … ويريق الدما بكأس الشرابِ

أيها البدرُ أنت أحسنُ حالاً … من بني الأرض رغم كلِّ الصِّعابِ

فاحمدِ اللهَ أنْ خُلِقْتَ سراجاً … سابحاً في هذا الفضاءِ العُجابِ

مُشرقاً في السما ، و لم تكُ إنساً … ذا نُيوبٍ قواطعٍ و حِرابِ

نظر البدرُ مُشفقاً ، و توارى … صامتاً في العلياء خلف سحابِ