لك الخير إن جزتَ اللِّوى والمطاليا – ابن معصوم المدني

لك الخير إن جزتَ اللِّوى والمطاليا … فحي ربوعاً منذ دهرٍ خواليا

وقفْ سائلاً عن أهلها أين يَمَّموا … وإن لم تجدْ فيها مجيباً وداعياً

وعج أولاً نحو المعاهد ثانياً … زمامَ المطايا واسأل العهدَ ثانياً

فإن تلفها من ساكنيها عواطلا … فعهدي بها مَرَّ الليالي حَواليا

تحلُّ بها غِيدٌ غوانٍ كأنَّما … نظمنَ على جيد الزمان لأڑليا

يرنحن من هيف القدود ذوايلاً … وينضين من دعج اللحاظ مواضيا

ويُبدينَ من غرِّ الوجوه أهلَّة ً … وينشرن من سود الفروع لياليا

تحكمن قسراً في القلوب فلن ترى … فؤاد محبٍ من هواهن خاليا

قضتْ بهواهنَّ اللَّيالي وما قضَتْ … ديونَ الهوى حتى سئِمنا التَّقاضيا

أطعتُ الصِّبا في حبِّهنَّ مدى الصِّبا … فلما انقضى استبدلتُ عنه التَّصابيا

نعم قد حلا ذاكَ الزمانُ وقد خلا … على مثله فليبكِ من كان باكيا

وثم صباباتٌ من الشوق لم تزل … تؤجج وجداً بين جنبي واريا

ولكنَّني أبدي التجلُّدَ في الهوى … وأظهرُ سلواناً وما كنتُ ساليا

قُصارى النوى والهجر أن يتصرَّما … فيمسي قصي الدار والود دانيا

صبرت على حكم الزمان وذو الحجا … ينالُ بعون الصَّبر ما كان راجيا

وقلت لعل الدهر يثني عنانه … فأثني عن لوم الزمان عنانيا

ولو أجدَت الشَّكوى شكوتُ وإنَّما … رأيت صروف الدهر لم تشك شاكيا

فليت رجالاً كنت أملت نفعهم … تولوا كفافاً لا علي ولا ليا

ولو أنني يوم الصفاء اتقيتهم … تُقاة الأعادي ما خشيتُ الأعاديا

ولكنهم أبدوا وفاقاً وأضمروا … نفاقاً وجروا للبلاء الدواهيا

فأغضيت عنهم لا أريد عتابهم … ليقضيَ أمرُ الله ما كان قاضيا

ولي شيمة ٌ في وجنة الدهر شامة ٌ … تنير على رغم الصباح الدياجيا

تؤازرها من هاشمٍ ومحمدٍ … مفاخرُ لا تُبقي من الفخر باقيا

سبقتُ إلى غاياتِ مجدٍ تقطَّعت … رقابُ أناسٍ دونَها مِن ورائيا

وزدتُ على دهري وسنِّيَ لم تكن … تزيدُ على العشرينَ إلاَّ ثَمانيا

وما وثقت نفسي بخلٍ من الورى … أكانَ صديقاً أم عدوّاً مُداجيا

ولا خانني صبري ولا خفَّ حادثٌ … بعزمي إذا ما الخطب ألقى المراسيا

وليس الفتى ذو الحزم من بات مولعاً … بشكوى الليالي والليالي كما هيا

ولكن فَتى الفِتيان من راحَ مُعرضاً … عن الدهر لا يخشى قريباً ونائيا

وإني لأخفي الوجد صبراً على الأسى … ويُبدي ضعيفُ الرأي ما كان خافيا

وأطوي الحشى طي السجل على الجوى … فما علمت قومٌ من الوجد مابيا

أصول بقلبٍ لوذَعيٍّ ومِقوَلٍ … يفلُّ شَباه المشرفيَّ اليمانيا

وأنظم من حر الكلام قوافياً … تكون لآثار المعالي قَوافيا

ونزهت شعري عن هجاءٍ ومدحة ٍ … ولولا الهوى ما كنت أطري الغوانيا

ولست أعدُّ الشعر فخراً وإنني … لأنظم منه ما يفوق الدراريا

ولكنني أحمي حمايَ وأتَّقي … عداي وأرمي قاصداً من رمانيا

وإن رمتُ لي فخراً عددتُ من العُلى … مزايا عظاماً لا عظاماً بواليا

على أنَّني من هاشمٍ في صميمها … وحسبُك بيتاً في ذُرى المجد ساميا