لقيتك مصر بثغرها المتبسم – جبران خليل جبران
لقيتك مصر بثغرها المتبسم … وتنورت بضيائك المتوسم
وجرى على متلهب من جرحها … شافي نداك فكان ألطف بلسم
لم تقتضيها زينة فازينت … بخلوصها في ودها المتكتم
والله يعلم ما حزازة مكره … سيم الرياء وما مرارة مرغم
لله موكبك السني وحوله … شعب إذا فداك لم يتكلم
ملل تحيط به وقدرك واجد … في نفس نصرانيها والمسلم
لك هامها تعنو وجاهك فوقها … تاج يشير إليه كل مسلم
أهلا بأم المحسنين ومرحبا … بالطهر يبرز في المثال الأوسم
ما لاروض في إستقباله شمس الضحى … تفتر بعدالعارض المتجهم
بأتم حسنا من وضاء أسرة … يبرقن في استقبال وجه المنعم
أقبلت إقبال الزمان وكله … غرر تسر وعدت عود الموسم
فرأيت من صدق التجلة خير ما … يهدى إلى ذاك المقامالأعظم
وسمعت صوت الحق من مترنم … إلا بوحي الصدق لم يترنم
سيان مبدؤه وآخر عهده … في رعيه لذمامه المتقدم
والعصر قد يجد التحول فطنة … ويرى الحفاظ لزوم ما لم يلزم
دهر أذم لأهله وملأته … بالمحمدات فعاد غير مذمم
لا بدع إن كان الثناء عليك في … لفظ اللسان وفي مداد المرقم
فنداك يجري في اليراعة نافثا … من سحره وسداك ينطق في الفم
ماذا أعدد من مآثرك التي … هي بالتعدد والسنى كالأنجم
لو حصلت أسماؤها لاستنفدت … در المحيط ومفردات المعجم
كم من يد لك قد اقالت عثرة … من حيث لم تظنن يد أو تعلم
كم منة لك عوضت من ضيعة … مجتاحة أو منزل متهدم
كم من يتيم أنقدته مبرة … لك من تعاسته وكم من أيم
كم في الشيوخ وفي الشباب مروءة … صورتها في اللحم منهم والدم
كم منحة بعثت بمصر صناعة … لم يبق منها الدهر غير الأرسم
كم معهد للعلم في أرجائها … جددت دارسه وكم من معلم
هيهات ينسى قومك الأبرار ما … أوليتهم من خالدات النعم
فهوى سرائرهم هواك ونيلهم … أدنى رضاك يعد أسنى مغنم
ما دمت سالمة فمصر وأهلها … في نعمة وفرت فدومي واسلمي