لقد شغلتني دون شكركم البشرى – إبراهيم اليازجي
لقد شغلتني دون شكركم البشرى … فلا تنكروا إن كنت لم أجمل الشكرا
فما أحسنت حق الوفاء مسرتي … ولكن عساها أحسنت عندي العذرا
علي لكم حمد على عظم منة … تعذر عندي أن أقابلها قدرا
وفضل هو البحر الذي بت غارقاً … به غير أني اصطدت من جوفه الدرا
فيا ليت لي في كل عضو صحبته … لساناً ولي في كل جارحة فكرا
لأنشر طيب الحمد من كل منطق … ومن كل فكر أنشيء النظم والنثرا
وبي أخوة لا والدي كان والدا … لهم لا ولا أمي بهم شغلت حجرا
إخاء حلا حتى ظننت كؤوسه … هي الشهد ما بين القلوب له مجرى
أبر الورى بعضاً ببعض طوية … وأوثقهم وداً وأبعدهم غدرا
دعتني بالالحاح نفسي نحوهم … فقلت لها صبراً فلم تستطع صبرا
فما برحت مشتاقة للقائهم … على خبر حتى أحاطت بهم خبرا
فألفت رجالاً بالكمال تزينوا … وباللطف والآداب والشيم الغرا
أجل الورى فضلاً وأجملهم ذكرا … واطولهم باعاً وأوسعهم صدرا
عصابة أهل النور في كل معشر … بكل بلاد أشبهوا الأنجم الزهرا
فيا عين قرى بالمنى بين أخوة … أصبت بهم في كل نائبة ذخرا
ويا نفس ما للدهر فوقك من يد … أزاء أياد لم تكن ترهب الدهرا
ودونك حسن الجهد في كل غاية … ينالك فيها البؤس أو تبلغي أمرا
ولا تجنحي نحو التراخي إذا بدت … شدائد هذا الدهر قاذفة ذعرا
ويا من أرى نفسي سعيدا لديهم … ومن أنا لا أسطيع من دونهم نصرا
أتيت إليكم رغبة في إخائكم … وأخلصتكم من ودي السر والجهرا
وإني كما تهوون لا متهاوناً … ولا سائلاً فيما أكلفه أجرا
ولكنني أبغي الوفاء بأنني … نسبت إليكم واشتددت بكم أزرا
تركت لغيري الذل والرق في الورى … وأصبحت معتزاً أمامكم حرا