لعَمري لقد نُوديتَ لوْ كنتَ تسمَعُ؛ – أبو العتاهية

لعَمري لقد نُوديتَ لوْ كنتَ تسمَعُ؛ … ألمْ ترَ أنَّ الموْتَ مَا ليْسَ يُدْفَعُ

ألمْ تَرَ أنَّ النَّاسِ فِي غَفَلاتِهِمْ … ألمْ تَرَ أسبابَ الأمُورِ تَقَطَّعُ

ألمْ تَرَ لَذّاتِ الجَديدِ إلى البِلى ؛ … ألمْ تَرَ أسْبابَ الحِمامِ تُشَيَّعُ

ألَمْ تَرَ أنَّ الفَقْرَ يعقِبُهُ الغِنَى … ألَمْ تَرَ أنَّ الضِّيْقَ قَدْ يَتَوَسَّعُ

ألَمْ تَرَ أنَّ الموتَ يهتِرُ شبيبة ً … وَأنّ رِماحَ المَوْتِ نحوَكَ تُشرَعُ

ألمْ تَرَ أنَّ المرْءَ يشبَعُ بطْنُهُ … وناظِرُهُ فِيمَا تَرَى ليْسَ يشبَعُ

أيا باني الدُّنْيَا لغيرِكَ تبْتَنِي … وَيَا جَامِعَ الدُّنْيَا لغيرِكَ تَجْمَعُ

ألَمْ تَرَ أنَّ المْرءَ يَحْبِسُ مَالَهُ … ووارِثُهُ فيهِ، غَداً، يَتَمَتّعُ

كأنّ الحُماة َ المُشفِقِينَ عَلَيكَ قد … غَدَوْا بكَ أوْ رَاحُوا رَوَاحاً فأبرَعُوا

ومَا هُوَ إلاَّ النَّعْشُ لَوْ قَدْ دَعَوْا بهِ … تُقَلُّ، فتُلْقَى فوْقَهُ ثُمّ تُرْفَعُ

ومَا هُوَ إلاَّ حادِثٌ بَعْدَ حادِثٍ … فمِنْ أيّ أنواعِ الحوادثِ تَجزَعُ

ألا، وَإذا أُودِعتَ تَوْديعَ هالِكٍ، … فآخِرُ يَوْمٍ منْكَ يَوْمٌ تُوَدَّعُ

ألا وكَما شَيّعْتَ يَوْماً جَنَازَة ً، … فأنْتَ كمَا شَيّعْتَهُمْ سَتُشيَّعُ

رَأيْتُكَ في الدّنْيا على ثِقَة ٍ بها، … وإنَّكَ فِي الدُّنيا لأنْتَ المُرَوَّعُ

ولمْ تعْنَ بالأمْرِ الَّذِي هُوَ واقِعٌ … وكُلُّ امْرِىء ٍ يُعْنَى بِمَا يَتَوَقَّعُ

وإنَّكَ للْمَنْقُوضُ فِي كُلِّ حَالَة ٍ … وَإنّ بني الدّنيا على النْقضِ يُطبَعوا

إذا لم يَضِقْ قوْلٌ عَلَيكَ، فقل بهِ، … وَإن ضَاق عنكَ القوْلُ فالصّمتُ أوسعُ

فَلا تَحتَقِرْ شَيئاً تَصاغَرْتَ قدرَه، … فإنّ حَقيراً قد يَضُرّ ويَنْفَعُ

تَقَلَّبْتَ فِي الدُّنْيَا تَقَلُّبَ أهْلِهَا … وَذُو المالِ فِيهَا حَيْثُ مَا مَال يتبَعُ

ومَا زِلتُ أُرْمَى كُلَّ يَوْمٍ بعِبْرَة ٍ … تكَادُ لَهَا صُمُّ الجبالِ تَصَدَّعُ

فما بالُ عَيْني لا تَجُودُ بمائِهَا … وَما بالُ قَلبي لا يَرِقّ ويَخشَعُ

تَبَارَكَ مَنْ لاَ يمْلِكُ المُلْكُ غَيرُهُ … متَى تنقَضِي حَاجَاتُ مَن ليسَ يقْنَعُ

وَأيّ تمرىء ٍ في غاية ٍ، ليسَ نَفسُه … إلى غاية ٍ أُخرَى ، سواها، تَطَلَّعُ

وَبَعضُ بني الدّنيا لبَعضٍ ذَريعَة ٌ، … وَكُلٌّ بِكُلٍّ قَلّمَا يَتَمَتّعُ

يُحَبُّ السَّعِيدُ العَدْلُ عِنْدَ احتِجاجِهِ … ويبغِي الشَّقيُّ البَغْيَ والبَغْيُ يصرَعُ

ولَمْ أرَ مِثْلَ الحقِّ أقْوَى لحُجَّة ٍ … يدُ الحقّ، بينَ العلمِ والجهل، تَقرَعُ

وذُو الفضْلِ لا يهتزُ إنْ هزَّهُ الغنى … لِفَخْرٍ ولاَ إنْ عضَّهُ الدَّهْرُ يَفْزَعُ