لعمري لقد سهَّلْتَ ماليس بالسهل – ابن الرومي
لعمري لقد سهَّلْتَ ماليس بالسهل … فسمعاً لوعظٍ أو فوعظاً على رِسْل
أسهَّلْتَ عندي والسفاهة ُ كاسمها … رزيئة َ وُدّ ليس من ناجمِ البقْلِ
ولكن من الفَرس الكريم الذي سمتْ … بواسِقُهُ غير الأشاءِ ولا الجعل
ألا في سبيل الله وُدٌّ رَببْتُهُ … بماءِ الصفاءِ العذب في الخُلُقِ السهلِ
فلما تطعمْتُ الثمارَ وجدتُها … أمرَّ من البلوى وأدهَى من القتلِ
ألا لا أُراني أيها الناس لاقياً … من الناس من يرعى لخير ولا فضلِ
ولا مُعظّماً خِلاًّ لغير ثرائه … وإن كان ذا تقوى وإن كان ذا عقلِ
وكم واعدٍ عدلاً على خلطائه … إذا قُلّد الأحكامَ تاب من العدلِ
ينوحُ على الأحرارِ في جوْرِ غيره … ويُوسعُهمْ جَوْراً ويَشْرَى على العذلِ
فلو ساس من ألحاه جَهْلٌ عَذَرْتُه … ولكنّ من ألحاه عالٍ عن الجهل
إليك أبا عبدِ الإله بعثتُها … على ثقة ٍ بالحلمِ منك وبالبذلِ
جريتُ مع الإدلال شأواً مُغَرّباً … فإن قلتَ لي مهلاً مشيتُ على مَهْلِ
ولكنني لابُدَّ لي من مقالة … أقومُ بها ليستْ بظلمٍ ولاهَزْلِ
ألستَ الذي أصفيتُه واصطفيتُه … وآثرته قِدْماً على المالِ والأهل
ألست الذي أمَّلتُهُ وادَّخرتُه … فمالي وقد أمرعتَ أرتعُ في المحلِ
تجاوزْ حديثَ البخس والوكسِ كلَّه … وخذْ في حديثٍ جلَّ عن ذلك الفصلِ
أتحْدِثُ أمراً مثلَ أمرِك جامعاً … فأُخْرِجَ منه مخرجَ الساقط النذلِ
أكنتُ قذاة َ العين دونَ الألى دُعوا … أم السوءة َ السوآء في ذلك الحفلِ
أكانَ تخلّي مغرسي واشتغالُه … سواءً وقد صُنّفْتُ في جوهر النخل
ألا صاحبٌ يبكي لمصرع صاحبٍ … وإنْ كان لم يُكْلَمْ برمحٍ ولا نصلِ
ألا أين عني المعْظِمون لحرمتي … فقد فَضَلَتْها عندكم حرمة ُ الوغلِ
ألا أين عني الصائنونَ لصفحتي … فها هي قد أضحت أذلَّ من النعلِ
ألا أين عني الحافظونَ صنيعَهم … ألا أين مني حافظو البعْدِ والقَبْلِ
أأفضتْ بيَ الأيامُ درَّ درُّها … إلى ما ترى عيني من الهُون والأزلِ
تيقَّظْ أبا عبدِ الإله فإنها … مَناعس لاتعشَى امرءاً فائز الخصْلِ
أتهجرني والحبلُ في خيرٍمعقدٍ … وتحنو وتدنو عند مضطرب الحبل
وما ذاك عن ذنبٍ سوى أنَّ خُلَّتِي … بلا مَلقٍ فيما علمت ولاخَتْلِ
تأمَّلْ فإنا والبهائمَ أُسْوَة ٌ … سوى عدلنا في النقضِ طوراً وفي الفتلِ
فَضَلنا بإيثارِ الجميلِ وفعلِه … ونحن سواءٌ والبهائم في الأكلِ
أما لتأذّينا على الناس حرمة ٌ … لديكم أما للشكل حَقٌّ على الشكلِ
أما للتشاكي والتباكي ذمامُهُ … لياليَ ذادونا عن العَلّ والنَّهْلِ
ضربتُ لك الأمثالَ تنبيه واعظٍ … وحاشاك من قِيلٍ وحاشاك من قَوْلِ
وتجمعنا من بَعْدِ قُرْبَى كتابة ٌ … وإنْ قلَّ عِلْمي بالجريب وبالأشل
ألم ترَ أنَّ الغدر أردَى ابنَ بلبلٍ … وقد كان ذا خيلٍ وقد كان ذا رَجْلِ
ومازلتَ تلحاهُ على مثل ما أرى … فنكبْ هداك اللَّه عن سنن النبلِ
ولا تعتذرْ إلا بما أنت أهلهُ … فلم تُؤتَ من فرعٍ ولم تُؤتَ من أصلِ
وكم عاتبٍ أهدى إليك عتابَه … فكافأته بالجاه والنائل الجزلِ
كذاكَ عَهِدنا السؤدَد الطفلَ فيكم … فكيف تراه وهْو في نُهْيَة ِ الكهلِ
ولا تشتغلْ عني بلومِك خطبتي … فتودعَ صدر الودّ ذَحلا على ذَحْلِ
إلى الله أشكو أن شعري مُظَلَّم … وأني من الأيام في مَنْهل ضحلِ
ثناؤكُمُ للبحتري وودكُمْ … ومدحي لكم حاشا هواكم من الخبلِ
فإن قلتُم للحكم بالحق فضلُه … فما للدبغِ النحلِ من عسلِ النحلِ
أسارتْ له فيكم أماديحٌ مثلُها … يُحمّلُ ثقلَ الحق مستثقِلي الحملِ
أمِ الخلة ُ الأخرى التي تعرفونها … بل الخلة ُ الأخرى وما النكث كالجدل
ألم يتجهمْكُمْ بمدحٍ كأنه … شَبا الحدّ أسَرى في البقاعِ من النمل
هجاكم بمنْزُورِ الهجاءِ ووغدِه … وماحلية الحسناءِ بالعاجِ والذَّبلِ
فنال التي أجرَى لها وهْو وادعٌ … مصونٌ وقد أسقاكُم حَمأة السجلِ
فكان هجاءٌأن هجاكم وأنه … أبى شَغْلَكُم أشعارَه غاية الشَّغْل
فعارضْتُهُ فيكم بمدحٍ كأنه … شبابٌ جديدٌ أو صقالٌ على نصل
فكافأتموني بالذي هو أهْلُه … من المنع والحرمان والرفضِ والخذلِ
وكافأتموه بالذي أستحقَّهُ … من البرّ والإحسانِ والعطفِ والوصلِ
هطلتُ فأطفأتُ الصواعقَ عنكُم … فلم تَفْرِقوا بين الصواعقِ والهطلِ
بلى قد فرقتم فرقَ عاكِس خُطَّة ٍ … وما المغزِلُ المعكوسُ بالمحكمِ الغرلِ
إلى الله أشكو أنَّ بحريَ زاخرٌ … وأني من المعروف في منهل ضحل
ولو كفَّ وجهي قوتُه صنتُ ماءه … ومنطقَهُ عن موقعِ الجوْدِ والوبلِ
وأعفيتُ نفسي من أناسٍ أراهمُ … يعدُّونني رَذْلاً وما أنا بالرذلِ
ويرمونني دون امرىء لو نضلْتُه … لكان لهم حظانِ في ذلك النضلِ
مديحٌ يُعالي ذكرَهُمْ وحماية ٌ … لأعراضِهم أمدادُها عِدَّة الرملِ
وما ذاك عند البحتريّ لصاحب … ولابعضُه في باب فرضٍ ولانفلِ
ومابي قصْبُ البحتري وثلبُهُ … وإن صال فحلٌ ذاتَ يومٍ على فحل
شهدتُ له بالعِتْق في الشعر مخلصاً … وما أنا فيه بالهجين ولا البغْلِ
ألا ذاكَ مجَّاجُ السُّلافِ علمتُه … وإني لمجاجٌ لما ليس بالنطل
ولكنَّ حظاً ناله وحُرمتُهُ … أرى خشلَه معرى ً ومعوى من الخشل
لقد أنكرتني بعلبك وأهْلُها … بل الأرضُ بل بغدادُ صاحبة ُ التَّبلِ
أرى لصديقي أَمْنَ ظُلمي ولا أرى … له أمَن إنصافي وإن كان في وعلِ
فلا يغترر من امرؤ بدماثة ٍ … فإني امرؤ أوى إلى جَلَدٍ عبْلِ
وفي السيف فصل تحت صقلٍ يزينه … وفيَّ الذي فيه من الصقل والفصلِ
وماهذه مني وعيداً بجهلة ٍ … ولكنها الإخبارُ عن عزمة ِ بتل
أُمِرُّ وأُحْلِي منطقي في عتابكم … وكلُّ عتابٍ ذو سَجاح وذو كَحلِ
وفي غيرتي خفَّتْ وزفَّتْ نعامتي … ألا فاعذروها أن تَزِفَّ من الرأْلِ
ولاتنكروا صقلي الإخاءَ فإنه … إذا طبعَ الصمصام حودثَ بالصقل
ومهما أقلْ فيكم فإني أخوكُم … على كلّ حالٍ من مريرٍ ومن سحلِ
وما أنا للحمِ الخبيثِ بآكل … وما أنا للحمِ الذكي بمستحلي
إلى كم يُحازُ الرزقُ دوني وإنما … إلى الله رزقي وحده لا إلى بعلِ
وماكنتُ للزوجات قِدْماً بضَرة … فيهجرني بعلٌ فترضى عن البعل