لئن منعوكَ سلكَ المنام – مصطفى صادق الرافعي
لئن منعوكَ سلكَ المنام … ما انفكَ ما بيننا ينقلُ
أراها وقد جعلتْ تمطلُ … ذكاءٌ تضيءُ ولا تنزلُ
يضنُّ الجمالُ بأربابهِ … وأهلُ الجمالِ بهِ أبخلُ
وسيانَ في الطيرِ عصفورةٌ … إذا انفلتتْ منكَ والبلبلُ
فيا من جعلتُ لهُ خاتماً … متى تلبسُ الخاتمُ الأنملُ
تدوسينَ فوقَ الثرى مهجتي … وطيفكِ في أعيني يرفلُ
فمنكِ إليَّ ومني إليكِ … كلانا لصاحبهِ يحملُ
وذو الشوقِ يسعى على عينهِ … إذا قعدتْ بالهوى الأرجلُ
سلي الصبحَ كيفَ أراقَ الكرى … وعيني ما أوشكتْ تثملُ
رمى الفجرَ فانفجرتْ عينهُ … دماً فأتى بالندى يغسلُ
وأضرمَ من شمسهِ شعلةً … فجفَّ على حرِّها المقتلُ
كذاكَ أرى الناسَ في غدرهم … تساوى الأواخرُ والأولُ
أصالحُ قل لي متى نلتقي … فبعضيَ عن بعضهِ يسألُ
أراكَ تؤيّدني في البيانِ … كما اتحدَّ الفلبُ والمِقْوَلُ
ولولا الفؤادُ وميزاتهُ … لمالَ اللسانُ فلا يعدلُ
ألا أنذرَ الفئةَ الحاسدين … سيوفاً منا ضربتْ تفصلُ
وقل للعصافيرِ لا تبرحي … ولا تمرحي قد هوى الأجدلُ
عجبتُ لهمْ وعجيبٌ إذا … عجبتُ لمن لم يكنْ يعقلُ
وما يستوي الجفنُ فيه الغبار … وإن أشبهَ الكحلَ والأكحلُ
هم نخلوني فماذا رأوا … اَأَمسكَ نورَ الضُّحى المنخلُ
وثارَ الغبارُ فيا أفقُ هلْ … جلا لكَ مرآتكَ الصيقلُ
وأقبلَ فار فما للجبال … لم يلقَ عاليها الأسفلُ
وكيفَ يخيفُ الهلالَ الدجى … ويرهبُ عنترةَ المنصلُ
رأوا ليَ في حكمتي ثانية … كما ينظرُ الواحدَ الأحولُ