كانت عيون الريب الساهرة – جبران خليل جبران

كانت عيون الريب الساهرة … ترمق تلك الطفلة الطاهرة

من هي … بنت من بنات الأسى معروضة للصفقة الخاسرة

يطمع فيها حسنها والصبا … والفاقة العضاضة الكافرة

ما زال غرا قلبها لاهيا … عما يهيج الشهوة الخادرة

أبأس ما سارت بأطمارها … لمتك إلا بهجة سائرة

تحس للأبصار في نفسها … وقع الندى من نبتة ناضرة

وتلتقي كل ابتسام كما … تلقى الشعاع الدرة الزاهرة

وتقبل المدح على أنه … مصداق ما في المقلة الناظرة

جاهلة ما في قلوب الأولى … تأمنهم من شيمة غادره

لا تضمر المرآة في زعمها … شيئا وزراء الصورة الظاهرة

ويح الفقيرات الجميلات من … حبائل القناصة الماكرة

كالورد لا يعصمه شوكه … إذا دنت منه يد جائرة

تمر بين الناس ذات الغنى … تقلها جوابه طائره

فتثبت الأبصار شوطا بها … ثم تني ظالعة حاسرة

والحسن إن لم يرج يملل كما … يمل حسن الأنجم السافرة

أما ابنة البؤس فهيهات ان … تملك دفع القوة القاهرة

أنى تكن تلحق بها لفظة … مريبة أو لحظة فاجره

أو عدة فاتنة للنهى … أو هبة خلابة ساحرة

لا تفتأ الخدعة في إثرها … ساعية أو حولها دائرة

حتى إذا أضرمت قلبها … فشب كالمجمرة الثائرة

أشبعت الفساق من لحمها … وسفكت هدرا دم العاهرة

تلك التي سقت على ذكرها … تفصيل هذي العظة الزاجره

قد احدق السوء بها منذرا … بالويل مما تزر الوازرة

لولا فتى جم مروءاته … شيمته في عصره نادرة ه

لا يكبر الدهر بأحداثه … يوما على همته الكابره

أنقذها محتسبا ربه … بها ونعمت حسبة الاخرة

أدخلها معهد علم به … تحفظ حفظ القنية الفاخرة

تتم بالآداب في عصمة … جمال تلك الصورة الباهرة

اعظم بلطف الله عونا على … صيانة البائسة القاصرة