قَدِمتَ قدومَ الخير من بعد غيبة – عبدالغفار الأخرس

قَدِمتَ قدومَ الخير من بعد غيبة … كما غاب بدرٌ ثم أشرقَ ونجلى

وأقبلت إقبال السعادة كلها … علينا فحيّا الله وجهك مقبلا

فكنت كصوب المزن صادف ممحلاً … وكنا بك الظمآن صادف منهلا

وشمنا سنا برق المنى غير خلّبٍ … تهلَّلَ يمري العارض المهتللا

تنقَّلت من دارٍ لدارٍ تنقّلاً … ومن عادة الأقمار أنْ تنقلا

وجئت إلى بغداد تكشف ما بها … من الضرّ حتّى ترجع الحال أولا

فأهلاً وسهلاً ما أقمتَ ومرحباً … عزيزاً بأكناف المعالي مجلا

بأصدق من وافى من الروم لهجة … ومن بعث السلطان عيناً وأرسلا

أمينٌ على العمّال تخذل ظالماً … وتنصر مظلوماً وتننقذ مبتلى

فقلنا غداة استبشر الناس كلهُّم … عسى هذه الأحوال أنْ تتبدلا

وفي ضمن لحن القول لولا موانع … دقائق لا تخفى على من تأمّلا

وكم فرج لله من بعد شدة … تعللنا فيه الأماني تعلُّلا

فنحن وإن لم يحسن الكشف حالنا … ولا شتتا خرقاء واهية الكلا

ومن نظر الأشياء نظرة عارف … رآها لديه مجملاً ومفصّلا

وحسب الفتى ذي اللب متن إشارة … يرى شرحها لو كان شرحاً مطوّلا

وما اختصك السلطان إلاّ لعلمه … بأنَّك لن ترشى ولن تتبرطلا

فمن فضله والله يجزي بفضله … علينا أميرَ المؤمنين تفضلا

لتذهب عنّا البغي جيئة راشد … ونحمد فيه آملاً ومؤملا

وننتظر العقبى فإنَّ وراءها … من اللطف ما يحظى به سائر الملا

فلا زال ظلّ الله يأتي بعدله … وما لي الأحكام إلاّ ليعدلا

ومن عدله أنْ يصطفيك لقربه … ويدينك من نيل الرياسة والعلى

ولم أر مثل الفضل يرفع أهله … ولا حلية كالصدق في القول من حلى

فقل ما تشا والقول في ما تقوله … جليٌّ ويأبى الله أن تتقوّلا

ودم وابق واسلم ترتقي كل منصب … إلأى قلة العلياء تعلو وتوقلا