قلبٌ يذوب ، ومدمعٌ يجري – أحمد شوقي

قلبٌ يذوب ، ومدمعٌ يجري … يا ليلُ ، هل خيرٌعن الفجر

حالت نجومك دون مطلعه … لا تبتغي حِوَلاً، ولا يسري

وتطاولَتْ جُنْحاً، فخُيِّل لي … أَن الصباحَ رهينة ُ الحشر

أَرسيتَها وملكتَ مذهبَها … بدجنة ٍ كسريرة الدهر

ظلمٌ تجيء بها وترجعها … والموجُ منقلبٌ إلى البحر

ليت الكرى وموسى فيوردها … فرعون هذا السهد والفكر

ولقد أَقول لهاتفٍ سحراً … يبكي لغير نوىص ولا أسر

والروضُ أخرسُ غير وسوية ٍ … خَفَقَ الغصونِ، وجرْية الغُدْر

والطيرُ مِلءُ الأَيْكِ، أَرؤُسُها … مثلُ الثمار بدت من السِّدْر

ألقى الجناحَ ، وناء بالصدر … ورنا بصفراوين كالتبر

لكهم السهادُ بيوتَ هدبها … وأَقام بين رُسومِها الحُمْر

تهدا جوانحه ، فتحسبه … من صَنْعة الأَيدي أَو السِّحْر

وتثور، فهْوَ على الغصون يَدٌ … علقتْ أناملها من الجمر

يا طيرُ، بُثَّ أَخاك ما يَجري … إنَّا كِلانا مَوْضِعُ السِّرّ

بي مثل ما بك من جوى ً ونوى ً … أنا في الأنام ، وأنت في القمر

عبث الغرام بنا وروعنا … أنا بالملام ، وأنت بالزجر

يا طيرُ، لا تجزَعْ لحادثة ٍ … كلُّ النفوسِ رهائنُ الضرّ

فيما دهاك لو اطَّلعتَ رضًى … شرٌّ أخفُّ عليك من شرّ

يا طيرُ، كَدْرُ العيشِ لو تدري … في صفوه، والصفْوُ في الكَدْر

وإذا الأُمورُ استُصعِبَتْ صَعُبَتْ … ويهون ما هوّنتَ من أَمر

يا طيرُ، لو لُذْنا بمصْطَبَرٍ … فلعلّ رُوحَ الله في الصَّبْر

وعسى الأَمانيُّ العذابُ لنا … عونٌ على السلوان والهجر