قردٌ رأى الفيلَ على الطريقِ – أحمد شوقي

قردٌ رأى الفيلَ على الطريقِ … مهرولاً خوفاً من التعويقِ

وكان ذاك القِردُ نصفَ أَعمى … يُريد يُحْصِي كلَّ شيءٍ عِلما

فقال: أهلا بأبي الأهوالِ … ومرْحباً بِمُخْجِلِ الجِبالِ

نقدي الرؤوسُ رأسكَ العظيما … فقف أشاهدْ حسنك الوسيما

للهِ ما أظرفَ هذا القدَّا … وألطف العظمَ وأبهى الجلدا

وأَملَح الأذْنَ في الاستِرسالِ … كأَنها دائرة ُ الغِربالِ

وأَحسَنَ الخُرطومَ حين تاهَا … كأَنه النخلة ُ في صِباها

وظَهرُك العالي هو البِساطُ … للنفْسِ في رُكوبِه کنبِساطُ

فعدَّها الفيلُ من السعودِ … وأمرَ الشاعرَ بالصُّعود

فجالَ في الظهر بلا توانِ … حتى إذا لم يَبقَ من مكان

أَوفى على الشيءِ الذي لا يُذكرُ … وأدخلَ الاصبعَ فيه يخبرُ

فاتهم الفيلُ البعوضَ، واضطربْ … وضيَّقَ الثقب، وصالَ بالذنبْ

فوقَعَ الضربُ على السليمه … فلحِقَتْ بأُختِها الكريمه

ونزل البصيرُ ذا اكتئابِ … يشكو إلى الفيلِ من المُصابِ

فقال: لا مُوجِب للندامه … الحمد لله على السلامه

من كان في عينيْه هذا الداءُ … ففي العَمى لنفسِه وقاءُ