قد آذَنَتنا بأمرٍ فادِحٍ أُذُنٌ؛ – أبوالعلاء المعري

قد آذَنَتنا بأمرٍ فادِحٍ أُذُنٌ؛ … وإنّما قيلَ آذانٌ لإيذانِ

شَمسٌ وبَدرٌ أنارَا في ضُحًى ودُجًى … لآدَمٍ، وهما لا ريبَ هذانِ

واللّيلُ والصّبحُ ما انجذّتْ حبالُهما، … وكلَّ حَبْلٍ على عَمْدٍ يَجُذّان

ويأكُلانِ، ولم يَستَوبلا مَقِراً … من الطّعامِ، ولا شَهداً يَلَذّان

إنّ الجديدَينِ ما ظَنّا وما عَلِما، … بل طائرانِ على جَدٍّ أحذّان

طِرْفانِ للَّهِ ما بُذّا ولا لُحِقا، … ولم يَزالا، بمِقدارٍ، يَبُذّان

هَذّا العِظاتِ علينا في سكونِهما، … كصارمينِ ذوَيْ غَربٍ يُهَذّان

وقالتِ الأرضُ: مَهلاً يا بَنِيّ، ألا … سِيّانِ فوْقيَ أجمالي وقَذّاني

غَذاكُمُ اللَّهُ منّي ثمّ عَوّضَني … ممّا لَقيتُ، فبالأجسامِ غَذّاني

وطِئْتُموني بأقدامٍ وأحذِيَةٍ، … فقَد أُدِلْتُ، فتَحتي مَن تَحذّاني

كم مرّ، في الدّهرِ، من قَيظٍ ومن شبَم … ولاحَ، في الأرض، من وردٍ وحَوذان

يا صاحبيّ اللّذينِ استَشفَيا لِضَنىً، … بمنْ تَلوذانِ، أو ممّنْ تَعوذان؟

بقراطُ، عَمري، وجالينوسُ ما سَلِما، … والحَقُّ أنّهُما في الطّبّ فَذّان