قدمتَ قدوم البدر بيتَ سُعُودهِ – ابن الرومي

قدمتَ قدوم البدر بيتَ سُعُودهِ … وأمرُك عالٍ صاعدٌ كصعودِهِ

لبستَ سناه واعتليتَ اعتلاءه … ونأمل أن تحظى بمثل خلودِهِ

وأقبَلت بحراً زاخراً في مُدُوده … على متنِ بحرٍ زاخرٍ في مدودِهِ

وأُقسمُ بالمُعْلِيكَ قدراً ورتبة ً … لجَودُكَ بالمعروف أضعافُ جودِهِ

ومارفدُك المحمودُ من رفْد رافدٍ … تُعَدُّ عيوبٌ جمَّة ٌ في رفُودِهِ

تذوبُ رفودُ البحر بعد جمودها … ومالَكَ رفدٌ ذاب بعد جمودِهِ

وأنت متى جُزْتَ الحدود نفعتنا … وكم ضرَّ بحرٌ جاز أدنى حدُودِهِ

ومازلت في كل الأمور تبزُّهُ … بمايعجز الحُسَّابَ ضبطُ عقودِهِ

وقد عرفَ البحرُ الذي أنا عارفٌ … فطأطأ من طغْيانه ومُرُوده

وأضحى ذَلولاً ظهرُه إذ ركبتَه … لمجدٍ يبيد الدهْرُ قبل بُيُودِهِ

ومن أجلك استكسى الشَّماَل بروده … وأقبل مزفوفاً بها في بُرُودهِ

ولولاك لاستكسى الجنوبَ سلاحَهُ … فكان ورودُ الحرب دون ورودِهِ

ولكن رأى سعدَ الكواكب فوقه … فسار وديعاً سيرُه كركُودِهِ

فهنَّاكَ الله السلامة َ قادماً … برغم مُعادِي حَظِّكم وحَسُودِهِ

وهنأك الله الكرامة خافضا … وفي كل حال يا ابن مَجْدٍ وعودِهِ

وبعد فإنِّي المرءُ أجديتُ قاعداً … ولم يجدِ قبلي قاعدٌ بقعودِهِ

وماذاك إلا أنَّ أرْوَعَ ماجداً … وفى لي بعهدٍ من كريم عهودِهِ

على أنَّ عَتْبا منه حَوَّلَ حالتي … لبعض عُنُودي لا لبعض عُنُودِهِ

وكان مَحَلِّي في النجود بفضله … فبدَّلني أغوارَهُ من نجودِهِ

فهل قائل عني له متوسل … بلين سجاياه ومجد جُدُودِهِ

لعبدك حق بالتَّحَرُّمِ واجب … أبى لك طيبُ الخِيم لؤمَ جحودِهِ

وفي جيده طوقٌ لنعماك لازِبٌ … أبى ربُّه إلا قيامَ شهودِهِ

وأنت الذي يأبى انحلال عقوده … وإن كان لا يأبى انحلال حُقُودِهِ

فَجَدِّدْ له نعمى بعفوٍ ونائلٍ … فما زلتَ أعْنَى سَيِّدٍ بمسودِهِ

وبشرى من البِشْرِ الجميل فلم يزلْ … يبشر بالصبْح انبلاجُ عمودِهِ

خَصصتُ وأثنى بالعموم ولم أكن … كصاحب نومٍ هبَّ بعد هجودِه

ولكنَّني بدَّأْتُ أبلَجَ لم أزل … أقاتل أسباب الردى بجنودِه

بقيتم بني وهبٍ برغم عدوكم … وشدة بلواه وطول سهودِه

ولابرحت بيضُ الأيادي عليكُمُ … ومنكمْ مدى بيض الزمان وسودِه

دُفِعْتُمْ إلى مُلك كثير سدُودُه … فعادت فتُوح الملك ضِعْفَيْ سُدودِه

بكيْدٍ لكم قد زايلته غُمُوده … يؤيده كيْدٌ لكم في غموده

وألفيتُمُ المرْعى كثيراً أُسُودُهُ … فأَنصفتُمُ خِرْفانه من أسودِهِ

ولم يركم أمرٌ طلبتُمْ صلاحه … تَكأَّدَكم مادونه من كَئُودِهِ

فأعرض عنا كلُّ شرٍ بوجهه … وأقبل وجه الخير بعد صدودِهِ

فزاد مُصَلِّينا بكم في رُكُوعه … وزاد مصلينا بكم في سجودِهِ

ألا لا عدمنا طِبَّكُمْ وشفاءه … فقد بردت أحشاؤنا بِبَرُودِهِ

ولاعدم العرفُ الذي تصنعونه … مِداداً نُفُوذُ البحر قبل نفودِهِ

إليكُمْ رأى الراجي مَشَدَّ قُتُودِهِ … وفيكم رأى الساري محطَّ قُتُودِهِ

أتاكم ولم يشفعْ فلقَّاه طَوْلُكُمْ … نسيئاتِ مارَجَّاه قبل نُقُودِهِ

وقد كان تأميلُ النفوس مُقَيَّداً … فأطلقتُمُ تأميلَها من قيودِهِ