فَدا لِلعَين مِني كُل عَين – عائشة التيمورية

فَدا لِلعَين مِني كُل عَين … وَما في الكَون من ذَهَب وَعين

أَرى الظُلماء قَد حجبَت عياني … وَأَجرت مِن دُموعي كل عَين

وَأَلقتني بسجن يوسفىّ … وَحالَت بَينَ أَفراحي وَبَيني

وَأقسم اِن تحقق لي شَفاها … لجدت بِما أَرى في الراحتَين

فَقَد أَصبَحت في حُزن وَأَن … وَقَلبي بَين اِتعاب وَأَين

وَما أَهدت صبا الاِسحار نَوما … اِلى عَين غَدَت في أَسر غين

يقلب في دثار السَقم جِسمي … كَأَني فَوق جمر الحرتين

تخالفت الأساة بطول وَعد … بعللني وَيأس فيه حيني

وَمن فظ يهددني جهارا … بمبضعه المصوب في اليَدين

وَعهدي بِالمياه حياة نَفسي … فَمالي قَد ظَمئت بماء عَيني

فَيا لِلَهِ أَي سَنا وَضوء … أُصيب بكل عادية وَشين

فَهل هي في سَبيلِ اللَهِ غازَت … فَذاقَت بِاللُقا ظُلم الحسين

فَكَم أَمسى بِما أَلقى حَزينا … وَبَينَ النوم معترك وَبَيني

أَبيت وَمؤنسى الخفاش لَيلا … وَحالي مَعه شر الحالتَين

فَذاك بنور عَينيه مهنا … وَلي أَسف بحجب المقلَتين

وَأَبسط لِلظَّلامِ أَكف بثى … وَأَشقى لوعَة بالظلمَتَين

تَراني معرضا عن كل ضوء … فَهَل خاصَمت نور النيرَين

يُنافرني السَنا فَأَفر مِنه … كَأَن الضوء يطلبني بدين

وَأَجنح لِلظَّلامِ جنوح صب … دَنا لِحَبيبِه بِالرقمَتَين

جَزى اللَهُ السِقام جزاء خير … فَقَد هذبنني ونَأَزلن ريني

وَصرت بِما لقيت من اللَيالي … أَفرق بَين ذي صدق وَمين

حرمت مقاصدي َمنعت عما … تَميل لحسنه نفسي وَعَيني

اِذا رمت اِنتِشاق الطَيب يَوماً … وَضعت يدي فوق الحاجبين

وَناهيكَ الطاء سجل كتي … وَتركي لِلحَديث بحسرَتين

وَقَد عفت الأَساة وَعدت أَرجو … طَبيب الكون رب المَشرِقَين

الهي سيدي غوثى رَجائي … عياذي عدتي ومزيل بيني

نعاني أَبيض القرطاس لما … جَفاني اليَوم نور الاسوَدين

وَقَد جفت دواتي وهي تَبكي … لما قد راعها من طول أَيني

وَأَقلامي كم انشقت لأني … حرمت مساسَها بِالاصبَعَين

غَدَوت اليَومَ أَميا وَعَلى … أَقضى من فُنون الكُتُب ديني

فجهلي عبرة وَالسَقم أَخرى … وَعَيني قَد أَرَتني العِبرَتَين

فَلَم لا أَنعى بِالحَسراتِ حالي … وَتَعلو زفرتي لِلفرقَدين