في طريق الفجر – عبدالله البردوني
أسفر الفجر فانهضي يا صديقه … نقتطف سحره و نحضن بريقه
كم حنّنا إليه و هو شجون … في حنايا الظلام حيرى غريقه
و تباشيره خيالات كأس … في شفاه الرؤى ، و نجوى عميقه
و ظمئنا إليه و هو حنين … ظاميء يرعش الخفوق شهيقه
واشتياق يقتات أنفاسه الحمر … و يحسو جراحه … و حريقه
وذهول كأنّه فيلسوف … غاب في صمته يناجي الحقيقة
و طيوف كأنّها ذكريات … تتهادى من العهود السحيقه
واحتضنّا أطيافه في مآقينا … كما يحضن العشيق العشيقه
و هو حبّ يجول في خاطرينا … جولة الفكر في المعاني الدقيقة
و التقينا نريق دمع المآقي … فأبت كبرياؤنا أن نريقه
واحترقنا شوقا إليه و ذبنا … في كؤوس الهوى لحونا رقيقة
وانتظرناه و الدجى يرعش الحلم … على هجعة القبور العتيقة
و السري وحشة و قافلة السّـ … فر يخاف الرفيق فيها رفيقه
و ظلام لا ينظر المرء كفّيـ … ه و لا يسعد الشقيق شقيقة
هكذا كان ليلنا فتهادى … فجرنا الطلق فلحياة طليقه
فانظري ” يا صديقتي ” رقصة الفجر … على خضرة الحقول الوريقة
مهرجان الشروق يشدو و يندى … قبلات على شفاه الحديقة
فانهضي نلثم الشروق المغنّي … و نقبّل كؤوسه ورحيقه
و اخطري يا صديقتي في طريق الـ … فجر كالفجر ، كالعروس الأنيقه
واذكري أنّنا نعشنا صباه … وحدنا ؛ على خطاه الرشيقه
و سكبنا في مهده دفء قلبيـ … نا و أحلامنا العذارى المشوّقه
نحن صغنا أضواءه من هوانا … و فرشنا بالأغنيات طريقه
و شدونا في دربه كالعصافـ … ير … و شدو الغرام فيض السليقه
لن نطيق السكوت فالصمت للمسيـ … ت و تأبى حياتنا أن نطيقه
نحن من نحن ؟ نحن تاريخ فكر … و بلاد في المكرّمات عريقه
سبقت وهمّها إلى كلّ مجد … و انتهت منه قبل بدء الخليقه
فابتسمي : عاد فجرنا و هو يتلو … للعصافير من دمانا وثيقه .