فمن شرفِ النبيِّ على الوجودِ – محيي الدين بن عربي
فمن شرفِ النبيِّ على الوجودِ … ختامُ الأولياءِ من العقود
من البيت الرفيع وساكنيه … من الجنسِ المعظم في الوجودِ
وتبيينُ الحقائقِ في ذراها … وفضلُ الله فيه من الشهودِ
لو أنّ البيت يبقى دون ختمٍ … لجاءَ اللصُّ يفتكُ بالوليدِ
فحقِّق يا أخي نظراً إلى من … حمى بيتَ الولاية ِ من بعيدِ
فلولا ما تكوَّنَ من أبينا … لما أمرتْ ملائكة ُ السجودِ
فذاك الأقدسيّ أمام نفسي … يُسمّى وهو حيٌّ بالشهيد
وحيدُ الوقتُ ليس له نظيرٌ … فريدُ الذاتِ من بيتِ فريدِ
لقدْ أبصرتهُ حتماً كريماً … بمشهدِه على رغمِ الحسودِ
كما أبصرت شمس البيتِ منه … مكانَ الحلقِ من حبلِ الوريد
لو أنّ النورَ يشرقُ من سناه … على الجسمِ المغيبِ في اللحود
لأصبح عالماً حيّاً كليماً … طليقَ الوجهِ يرفلُ في البرودِ
فمن فهم الإشارة فليصنها … وإلا سوفَ يحلقُ بالصعيدِ
فنورُ الحقِّ ليس به خفاءٌ … على الأفلاكِ من سَعْد السُّعودِ
رأيتُ الأمرَ ليسَ بهِ توانٍ … سواءٌ في هبوطٍ أو صعودِ
نطقتُ به وعنه وليس إلا … وإنّ الأمر فيه على المزيد
وكوني في الوجودِ بلا مكانٍ … دليلٌ أنني ثوبُ الشهيد
فما وسعَ الوجودُ جَلال ربِّي … ولكنْ كانَ في قلبِ العميدِ
أردتُ تكتماً لما تجارى … إليه النكر من بيضٍ وَسودِ
وهلْ يخشى الذئابَ عليهِ من قدْ … مشى في القفرِ من خفَر الأسُوْدِ
وخاطبتُ النفيسة َ من وجودي … على الكشفِ المحققِ والوجودِ
أبعدَ الكشفِ عنهُ لكلِّ عينٍ … جحدتْ وكيفُ ينفعني جحودي
فردّتْ في الجوابَ عليَّ صدقاً … تضرعَ للمهيمنِ والشهيدِ
وسَلْه الحفظَ ما دامَ التلقِّي … وسَلْه العيشَ للزَّمنِ السَّعيد
سألتكَ يا عليمَ السرِّ مني … عصا ما في المودَّة ِ بالودودِ
وأنْ تُبقي عليَّ رداءَ جسمي … بكعبتِكم إلى يومِ الصُّعودِ
وأن تخفي مكاني في مكاني … كما أخفيت بأسَكَ في الحديدِ
وتستر ما بدا مني اضطراراً … كستركَ نورَ ذاتكَ في العبيدِ
وأنْ تبدي عليَّ شهودَ عجزي … بتوفيتي مواثيقَ العهودِ