فتنتك حين بدت بوجه مسفر – ابن شهاب
فتنتك حين بدت بوجه مسفر … ورنت مسلمة بطرف أحور
واستقبلتك فكاد ضوء جبينها … وشعاعه يغتال عين المبصر
وتخوّفت من أن تضار فأسلبت … من فرعها أذيال ليل مغدر
وتبسّمت فبدى لعينك لؤلؤ … من ثغرها يزري بعقد الجوهر
وتمايلت فسجدن أغصان الربا … من غير ماآب ولا مستكبر
خود مخدرة بأسهم لحظها … تسبي وتأسر كل ليث مخدر
حوراء تخترم النفوس ولم تبل … علماً بأن قتيلها لم يثأر
عوج حواجبها قويم نهدها … بيض ترائيبها بياض المرمر
هيفاء قدٍّ كاد دائر بندها … في الخصر يصلح خاتماً في الخنصر
وتنوء ذاك الخصر حال نهوضها … أعباءُ ما أكتنفت عقود المئزر
أنسيت ليلة كنت ثم سميرها … ما بين كاعبة تميس ومعصر
متمتعاً بحديثها متعاطياً … من كاسها قدح العقار المسكر
صهباء راصدة بشهب حبابها … في الصدر شيطان الهموم المعتري
وصفا به للأذن حال سماعها … نغمات غانية ورنّة مزهر
يذكو شذى الأزهار في أرجائه … وبه يفوح شميم نفح العنبر
فكأنه أرج الثناء ونشره … في محسن الملك السمي المخفر
المعرق النسب الشريف المنتقى … من آل فاطمة البتول وحيدر
نسبٌ له تعنو وجوه ربيعة … وتخرّ ساجدة تبابع حِميَر
آباء مجد أنجبت بأماجد … ونجوم هدي نيّر من نيّر
حتى أتت بخلاصة الآل الذي … أخذ اللواء وكان بالأخذ الحرى
مهدي على خان الذي أبدى لنا … في المجد ما عن غيره لم يؤثر
معلي منار العلم فارس بحثه … ومعين فائض عذابه المتفجر
ما أن له إلا المعالي قنية … قصر الزمان وهمه لم يقصر
جماع أشتات الفضايل والعلا … ومشتّت المال العديد الأكثر
وإذا بسوق المجد سيمت صفقة … تلقاه بالثمن الشطيط المشترى
والطاهر الشيم الذي أخلاقه … لطفاً أرق من النسيم المسحر
ذو خبرة وبصرة بهما غدا … لبسيط ملك المغل خير مدبر
رجل السياسة ركنها الأقوى الذي … لولاه ما اجتثت عروق المنكر
وإذا المحافل من سرة أولى النهى … والحلم غصت فهو ربّ المنبر
ولو الكفاءة في الامارة روعيت … لم تلف قط عليه من متأمر
بمصائر الأحوال قبل وقوعها … ثق من فراسته بأصدق مخبر
فكأن مرآه الغيوب جنانه … فلذاك لم يرتب ولم يتحير
يمضي وينفذ ذهنه الوقاد في … ما ليس ينفذ فيه غرب الأسمر
كشاف غامض كل أمر معضل … بسديد رأي ثاقب وتبصّر
فهو المذلل صعب كل عويصة … وقريع حومة كل خطب مخطر
ولربّ ضرغام أعاد زئيره … نوحاً ولو يدري به لم يزأر
أكرم به من سيد متواضع … طبعاً وعن ساق الفخار مشمر
عجنت بطينته حمية هاشم … والشبل يمرح في مجال القسور
حرم لقاصده فحول حماه عن … طمع محال أن يحوم المجترى
من أم جانبه لدفع ملمة … فأنا الضمينُ له بنجح المصدر
يا أيها السند الكريم ومن به … أيامه باهت مواضي الأعصر
خذها تجر على جرير ذيلها … طوراً وتهزأ تارة بالبحتري
ترجو القبول مع القصور وهل ترى … من واصف علياك غير مقصر