غشيت ديارها من بعد عشر – أحمد محرم

غشيت ديارها من بعد عشر … فهيجت الرسوم غليل صدري

لعمر أبيك ما وجدي بسلمى … ولا وجد الديار بمستقر

هوى كالدهر ليس له انقضاء … وكالقدر المروع حين يجري

وما عاهدت من أهواه حتى … وفيت بعهده وقضيت نذري

وبعض الناس يذكر ثم ينسى … ومالي غير ذكرٍ بعد ذكر

أصون أحبتي ما الحب إلا … أمانة فاضلٍ ووفاء حر

إذا مكر المخاتل قلت قلبي … أعيذك من مخاتلة ٍ ومكر

ويا نفسي الوفية لا تكوني … مراح خيانة ٍ ومسيل غدر

بنفسك فاحتفظ إن كنت حراً … وعقلك فاستشر في كل أمر

وحق سواك فارع ولا تخنه … وحقك لا تدعه تقاة شر

وما للمرء حين يضام بد … من الصمصام والفرس الطمر

وتارك حقه من غير حربٍ … كتارك عرضه من غير عذر

رأينا الحاكمين فما رأينا … حكومة صالحٍ وقضاء بر

لحكم الجاهلية في بنيها … على ما فيه من عنتٍ وضر

أخف أذى وأقرب من رشادٍ … وأبعد عن مماحكة ٍ ونكر

ألم تر كيف صار البغي ديناً … لكل حكومة ٍ وبكل مصر

مضى الحنفاء في العصر الخوالي … فهات حديثهم إن كنت تدري

وقف بي في طلول الشرق واذكر … هدى الفاروق واندب عهد عمرو

ولا تصف الحضارة لي فإني … أرى عصر الحضارة شر عصر

أذى ما للممالك منه واقٍ … ولا لبني الممالك من مفر

أرانا ظامئين إلى حياة ٍ … تفيض بمزبد التيار غمر

تجول حوائم الآمال فيه … وتسبح منه في ري وطهر

تراكضت المشارق تبتغيها … وغودرت الكنانة في المكر

رأيت الشعب ذا العزمات يمضي … ويركب في المطالب كل وعر

يخوض النقع أغبر والمنايا … عجال الشد من سودٍ وحمر

وبعض العالمين يذوب رعباً … إذا برز الكماة غداة كر

يحب حياته ويزيد حرصاً … فيلقى الموت من خوفٍ وذعر

تراع فوارس الهيجاء منه … بزأرة ضيغمٍ ووثوب هر

إذا أبصرت دهرك مكفهراً … فدافعه بعزمٍ مكفهر

ولن تحضى بعيشٍ منه حلوٍ … إذا ما كان طعمك غير مر

أساة النيل والأدواء شتى … فمن بادٍ يلوح ومستر

أقيموا صلبه وتداركوه … ولا تدنوه من كفنٍ وقبر

ظللت أراقب العواد مالي … سوى ماذا يكون وليت شعري

لمصر شبابها في الدهر إني … خلعت شبيبتي وطويت عمري