عَجِلَ الصبَّ وقد هبَّ طروبا – حيدر بن سليمان الحلي

عَجِلَ الصبَّ وقد هبَّ طروبا … فتعدّى لتهانيك النسيبا

منكَ بدر المجد قَد ألهاه عن … رشأٍ زرَّ على البدر الجيوبا

بدر حسنٍ في دجى ً من فرعه … ما أُحيلاه طُلوعاً وغروبا

كم تصبّى من أخي حُلمٍ وكم … من أخي لُبٍّ به جدَّ لعوبا

لستُ أدري إذ يعاطي كفُّه … خمرة ً من لونها يبدو خضيبا

أَجلا لامعة ً في كأسه … أم سنا وجنتهِ أبدى لهيبا

شادنٌ وفرته ريحانة ٌ … نشرها ينفح للنُدمان طيبا

ما أدار الراحَ إلاّ مثّلت … حول كسرى منه في الكأس ربيبا

لا تقل قطّب من سَورَتها … مَن تعاطى رشفها كوباً فكوبا

بل رآه حول كسرى فاكتسى … وجهُه من سورة الغيظ قُطوبا

لك أخلاقٌ عدتني عن طِلاً … رشفها من فمه يحيي القلوبا

ولطبعٍ فيك من رقّته … لي أنفاسُ الصَبا رقّت هبوبا

عفتُ منه وجنة ً رقّت إلى … أن شكت من عقرب الصدغ دبيبا

يا نسيمَ الريح إني لم أكن … لسواكَ اليومَ عنّي مستنيبا

سر إلى البصرة واحمل عن فمي … كِلماً أعبق من ريّاك طيبا

إنّ فيه منتدى ربِّ حجى ً … أحرَزَ السؤدَد مُذ كان ربيبا

طف بعبد الله فيه إنّه … كعبة ٌ حطّت من الدهر الذنوبا

واعتمد طلعَته الغّرا وقل: … بوركت من طلعة ٍ تجلو الكروبا

أيّها الثاقب نوراً كلّما … قصدوا إطفاءَه زاد ثُقوبا

أخصبت ربعَك أنواءُ الهنا … فبنوء الجود لم يبرح خصيبا

خير ما استثمرته غصن عُلاً … لك أنماه النهى غضّاً رطيبا

قد نشا في حجر علياكَ التي … رضع السؤدَد منها لا الحليبا

ذاك عَبد الواحد الماليء في … عزّه قلبَ أعاديه وجيبا

شبلك المخدر في عِرّيسة ٍ … ترهب الليث ولو مرَّ غضوبا

إصطفى المجدُ له مُنجِبة ً … واصطفى منه لها كفواً نجيبا

وعلى نسلهما من قبل أن … يلداه قيل بارك كي يطيبا

فلكَ البشرى بعرسٍ سعدُه … في محيّا الدهر ما أبقى شحوبا

مسحت قلبَ العُلى فرحتُه … بيدٍ ما تركت فيه نُدوبا

قم فهّني المجدَ يا سعدُ بمن … مثله لم يصطف المجد حبيبا

وعن الحسّاد لا تسأل وقل … مهجٌ لاقت من الوجد مذيبا

قد أبات القومَ في غيظهم … يتجافون على الجمر جنوبا

خطبوا مجدكَ يا مَن كم به … عنهم قد دفع الناسُ الخطوبا

وجروا خلفك للعَليا وكم … فُتّ مطلوباً وأدركت طَلوبا

فاتهم منك ابن مجدٍ لم يزل … في العُلى أطولَهم باعاً رحيبا

أينَ من في الأرض ممّن عقدت … بنواصي الشهب علياه الطنوبا

حسدت شهبُ الدراري وجهه … إذ له ما وجدت فيها ضريبا

وغدا الأُفق الذي زِينَ بها … يتمّنى فيه عنها أن ينوبا

يا بني العصر دعوا ضَربكم … بقداحٍ قط لم تحرز نصيبا

فبأعشار العُلى فاز فتى ً … كان كفّاه المعلى ّ والرقيبا

أروعٌ وقّر ناديه النهى … فبصدر الدهر لم يبرح مَهيبا

ما النسيم الغضٌّ يسري سحراً … منعشاً في بُردِ ريّاه القلوبا

لكَ أذكى من سجاياه شذاً … فانتشق زهر المعالي مستطيبا

فلبسّام العشّيات فِدى ً … أوجهٌ تدجو على الوفد قطوبا

ولرطب الكفّ في الجدب وقى ً … كفُّ قومٍ جفَّ في الخصب جدوبا

شنّجته علة ُ البخل فلا … طبَّ أو يغدو له السيفُ طبيبا

أغربت أوصاف ذي مجد حوى … من مزايا المجد ما كان غريبا

أين ما يسري سرى شوقُ الورى … فهو يقتاد الحشا منها جنيبا

وهو بحرٌ ولهذا فمه … يقذف اللؤلؤَ في النادي رطيبا

وهو الغيثُ وأجدر أن ترى … علّم الغيثَ نداه أن يصوبا

أين منه معدل الضيف إذا … لِقراه التمس المسنى المطيبا

وإذا ضرع الغوادي جفَّ في … شتوة ٍ واغبرَّت الأرض جَدوبا

بسط الكفَّ بها ثم دعى … دونكم حافلة َ الضرع حلوبا

وغدا يطربُ إذ يسمعها … للقِرى هدّارة الغلي غضوبا

رثّ بردُ الحمدِ لولا ملِكٌ … كلّ آن يلبسُ الفخرَ قشيبا

أطربَ المدحَ إليه أنّه … فاتخٌ سمعاً إلى المدح طروبا

عربيّ الذوق يستحلي التي … من عَذارى الشعر جاءته عَروبا

خطب الأبكارَ مشغوفاً بها … فأقام الجودَ في الدنيا خطيبا

فهو عذريّ الهوى في عذرها … وهي من شوقٍ له تطوي السهوبا

أبداً تدعو له قائلة ً … لا رأت شمسُ معاليكَ الغروبا