like-empty

كلمات

klmat.com

sun

عودة الأسير

النيل ينسى

و العائدون إليك منذ الفجر لم يصلوا

هناك حمامتان بعيدتان

ورحلة أخرى

و موت يشتهي الأسرى

و ذاكرتي قويّة .

و الآن، ألفظ قبل روحي

كلّ أرقام النخيل

و كل أسماء الشوارع و الأزقّة سابقا أو لاحقا

و جميع من ماتوا بداء الحب و البلهارسيا و البندقيّة

ما دلني أحد عليك

و أنت مصر

قد عانقتني نخلة

فتزوّجتني

شكّلتني

أنجتني الحبّ و الوطن المعذب و الهويّة

ما دلني أحد عليك

وجدت

وجدت مقبرة.. فنمت

سمعت أصوات.. فقمت

ورأيت حربا.. فاندفعت

وما عرفت الابجديّة

قالوا:اعترف

قلت :اعترفت

يا مصر الاكسرى سباك ولا الفراعنة

اصطفوك أميرة أو سيدة

قالوا: اعترف

قلت :اعترفت

و توازت الكلمات و العضلات

كاونوا يقلعون أظافري

و يقشّرون أناملي

و يبعثرون مفاصلي

و يفتّشون اللحم عن أسرار مصر ..

و تدفّقت مصر البعيدة من جراحي

فاقتربت

و رأيت مصر

و عرفت مصر

ما دلّني أحد، خناجرهم تفتّشني فيخرج شكل مصر

يا مصر لست خريطة

قالوا: اعترف

قلت: اعترفت

واصلت يا مصر اعترافاتي

دمي غطّى وجوه الفاتحين

و لم يغطّ دمي جبينك، و اعترفت

و حائط الإعدام يحملني إليك إليك ..

أنت الآن تقتربين. أنت الآن تعترفين

فامتشقي دمي.

و النيل ينسى

ليس من عادته أن يرجع الغرقى

و آلاف العرائس من تقاضي أجرها؟

النيل ينسى.

و القرى رفعت مآذنها و شكواها

و أخفت صدرها في الطين

و المدن_ الجنود الغائبون_ الاتحاد الاشتراكيّ_ المغني

راقصات البطن_ و السياح_ و الفقراء

سبحان الذي يعطي و يأخذ

ليس من عادات هذا النيل أن يصغي إلى أحد

كأن النيل تمثال من الماء استراح إلى الأبد

ماذا يقول النيل

لو نطقت مياه النيل؟

يسكت مرّة أخرى

و ينساني

لتسكت جوقة الإنشاد حول جنازتي

و خذي عن الجثمان أعلام الوطن

يا مصر تحيا مصر.. تحيا مصر.. تحيا مصر

غطّى حفنة من رمل سيناء التي ابتعدت عن العينين

و التجأت إلى الرئتين

و امتشقي دمي

و خذي عن الجثمان أعلام الوطن

سيناء ليس لها كفن

و النيل ينسى

ماذا يقول النيل، لو نطقت مياه النيل ؟

يسكت مرّة أخرى

و لا يستقبل الأسرى .

ليسكت ههنا الشعراء و الخطباء

و الشرطي و الصحفيّ

إنّ جنازتي وصلت

و هذي فرصتي يا مصر.. أعطيني الأمان

يا مصر أعطيني الأمان

لأموت ثانية ..شهيدا لا أسير

السدّ عال شامخ، و أنا قصير

و المنشآت كبيرة، و أنا صغير

و الأغنيات طليقة، و أنا أسير

يا مصرأعطيني الأمان

إني حرستك. كانت الأشياء آمرة و آمنة و كان المطرب

الرسمي يصنع من نسيج جلودنا وتر الكمان

و يطرب المتفرّجين

قد زيفوا يا مصر حنجرتي

و قامة نخلتي

و النيل ينسى

و العائدون إليك منذ الفجر لم يصلوا

و لست أقول يا مصر الوداع

شبت خيول الفاتحين

زرعوا على فمك الكروم، فأينعت

قد طاردوك_ و أنت مصر

و عذبوك_ و أنت مصر

و حاصروك_ و أنت مصر

هل أنت يا مصر؟

هل أنت.. مصر.

like-empty

كلمات محمود درويش

جاري التحميل...