عناءات – عدنان الصائغ

إلى رجل غبي يُسمّى قلبي …

.

.

.

متى أَستريحُ؟

مَنْ أورثني هذا الحنينَ والبكاءَ والتسكّعَ؟

روحي مدينةٌ مهجورةٌ…

تبحثُ عمَّنْ يرمّمها

أديرُ قرصَ الهاتفِ

لا أحدَ…

أبعثُ برسائل لا عنوانَ لأصحابها

أَطْرُقُ أبوابَ الصحفِ

لا قصيدةَ عِنْدي تَصلحُ للنشرِ

ماذا أفعلُ…

كي أوقفَ زحفَ الخريفِ على مساحةِ الخضرةِ المُتَبقيَّةِ من عُمري؟

ماذا أفعلُ

كي أقنعَ هذا القلبَ اللجوجَ

إنَّ كلَّ ما أفعلهُ بعدكِ حماقات

ماذا أفعلُ…

لأقنعَ نفسي أنَّنِي لمْ أعدْ بحاجةٍ لبطاقةِ سفرٍ

فكلُّ مدنِ العالمِ جبتُها على الورقِ

شارعاً… شارعاً

حتى تهرّأتْ أقدامي من المشي في دروبها الطويلة

وأنا ساهمٌ في زاويةِ المقهى

متى أَستريحُ…؟

ما زلتُ طولَ عُمري مشدوداً لكلِّ شيءٍ

بأسلاكِ الدهشةِ…

ما زلتُ ذائباً في قطرة المطر، وهي تنسابُ في خلايا المدينةِ والشجرِ وإيقاعِ المزاريب

ما زلتُ وحيداً في الدروبِ المزدحمةِ

ضاجّاً بكِ…

كلحنٍ ناقصٍ

وشرائط حمراء لفتاةٍ يتيمةٍ…

مَرَرْتُ عليكِ…

ولمْ أجدْكِ

قولي …

إلى أين أتجهُ بأحزاني إذنْ؟

هكذا اِعْتَدْتُ أنْ أشرعَ نوافذَ رئتيَّ

لرياحِ الدهشةِ التي تأتيني من كلِّ شيءٍ…

شاعرٌ أنا…

ورُبَّما نافورةٌ متفجّرةٌ، في حديقةٍ عامةٍ…

أقرّرُ أنْ أَرْسُمَ شفتيكِ برعميْ خجلٍ

على أغصانِ أوراقي

وانتظرُ السنواتِ، ليتفتّحا لي

غير عابيءٍ بنظراتِ الحارس،ِ ووخزِ الأشواكِ، وزهورِ المحلّاتِ الإصطناعيَّةِ

مُلتذّاً بالرحيقِ…

وهو يسيلُ على سياجِ فمي

متى أَستريحُ؟

ثَمَّةَ غابات كثيرة

تنتظرُ الرئات القادمة، التي لمْ يشوّهها التدخينُ

ودُخانُ الباصاتِ

عليَّ أنْ أدلّكم عليها…

أمّا أنا

فقد أخذتُ هواءً كثيراً

وعليَّ أنْ أصفَ كلَّ الغاباتِ التي حَلَمْتُ بها،

والخنادق التي نمتُ فيها

ودُخان المقاهي التي…

والشوارع، والباصات، والنساءَ والمكتبات، والأحزان

هكذا عليَّ أنْ أصفَ لكم كلَّ ما رأيتهُ في حياتي

هكذا… بمنتهى العذوبةِ والندمِ

مخبّئاً نصفَ ذكرياتي على الأقلّ