علَيكَ سَلامُ الله يا قَبرَ عُثمانِ – بهاء الدين زهير
علَيكَ سَلامُ الله يا قَبرَ عُثمانِ … وحياكَ عني كلُّ روحٍ وريحانِ
ولا زالَ منهلاًّ على تربكَ الحيا … يُغاديكَ منهُ كلُّ أوْطَفَ هَتّانِ
لقد خُنتُهُ في الوُدّ إذْ عِشتُ بَعدَهُ … وما كنتُ في ودّ الصّديقِ بخَوّانِ
وَعَهدي بصَبري في الخُطوبِ يُطيعُني … فما لي أراهُ اليَوْمَ أظْهَرَ عِصياني
فَيَا ثاوِياً قد طَيّبَ الله ذِكْرَهُ … فأضحى وطيبُ الذكرِ عمرٌ له ثانِ
وَجَدْتَ الذي أسلاكَ عني وَإنّني … وحقكَ ما حدثتُ نفسي بسلوانِ
وعوضتَ عن دارٍ بأكنافِ جنة ٍ … وعوضتَ عن أهلٍ بحورٍ وولدانِ
فَدَيتُ الذي في حُبّهِ اتّفَقَ الوَرَى … فلوْ سئلوا لم يختلفْ منهمُ اثنانِ
لقد دَفَنَ الأقْوَامُ يَوْمَ وَفَاتِهِ … بَقِيّة َ مَعرُوفٍ وَخَيرٍ وَإحسانِ
وَوَارَوْهُ والذّكْرَى تُمَثّلُ شخصَه … كأنّهُمُ وَارَوْهُ ما بَينَ أجفاني
يُواجِهُني أينَ اتَّجهتُ خَيالُهُ … كما كنتُ ألقاهُ قديماً ويلقاني
وأقسمُ لوْ ناديتهُ وهوَ ميتٌ … لجاوبني تحتَ الترابِ ولباني
هنيئاً لهُ قد طابَ حياً وميتاً … فما كانَ محتاجاً لتطييبِ أكفانِ
صَديقي الذي مُذ ماتَ ماتَتْ مسَرّتي … فما ليَ لا أبكيهِ والرزءُ رزآنِ
وكانَ أنيسي مذْ بليتُ بغربة ٍ … وكنتُ كأنّي بينَ أهلي وَأوْطاني
وقد كانَ أسلاني عنِ الناسِ كلهمْ … ولا أحَدٌ عَنهُ منَ النّاسِ أسْلاني
كريمُ المُحَيّا باسِمٌ مُتَهَلّلٌ … متى جئتهُ لم تلقهُ غيرَ جذلانِ
يمنّ لمنْ يرجوهُ منْ غيرِ منة ٍ … فإنْ قُلتَ مَنّانٌ فقُلْ غَيرَ مَنّانِ
فَقَدْتُ حَبيباً وَابْتُلِيتُ بغُرْبَة ٍ … وحَسبُكَ من هَذينِ أمْرانِ مُرّانِ
وما كنتُ عنهُ أملِكُ الصّبرَ ساعَة ً … فما كان أقساني عليهِ وأقصاني
هوَ المَوْتُ ما فيهِ وَفاءٌ لصاحِبٍ … وهَيهاتَ إنْسانٌ يَموتُ لإنسانِ
كذلكَ ما زالَ الزّمانُ وَأهْلُهُ … فمنْ قبلنا كم قد تفرقَ إلفانِ
وما الناسُ إلاّ راحلٌ بعدَ راحلٍ … إلى العالمِ الباقي مِنَ العالمِ الفَاني
وإلاّ فأينَ الناسُ من عهدِ آدمٍ … ومن عهدِ نوحٍ ثمّ منهُ إلى الآنِ