على كل واد دمع عينيك ينطف – حيدر بن سليمان الحلي
على كل واد دمع عينيك ينطف … وما كلُّ وادٍ جُزتَ فيه المُعرَّفُ
أظنك أنكرت الديار فمل معي … لعلك دارَ العامريّة تعرف
نشدتُك هل أبقيت للدمع موضعاً … من الأرض تهمي الغيث فيه وتنطف
فهذا ولم تذرف دموعاً وإنّما … دم القلب من أجفان عينيك يذرف
فلا تكُ ممّن ينبذ الصبرَ بالعرى … إذا غدت الورقاء في الأيك تهتف
فما ذاك من شجو فيشجيك نوحها … وهل يستوي يوماً صحيحٌ ومُدنَف
ألم ترها لم تذر دمعة ثاكل … ولم ينصدع شملٌ لها متألّف
وقد لبست في جيدها طوقَ زينة ٍ … وجيدك فيه طوق حزن معطف
إذا ماشدت فوق الأراك ترنماً … فأنك تنعى والجوائج ترجف
أُعيذك أن يهفو بحلمك منزلٌ … تعفى وفيه للأوابد مألف
فلا تبك في أطلاله بتلهف … فليس يرد الذاهبين التلهف
ولو عاد يوماً بالتأسف ذاهب … عذرتك لكن ليس يجدي التأسف
وإن جزوعاً شأنُه النوحُ والبكا … لغير بَني الزهرا مُلامٌ مُعنّف
بنفسي وآبائي نفوساً أبيّة ً … يجرعها كأس المنية مترف
تُطلّ بأسياف الضلال دماؤهم … وتُلغى وصايا الله فيهم وتُحذف
وهم خير من تحت السماء بأسرهم … وأكرمُ مَن فوق السماء وأشرفُ
وهم يكشفون الخطب لا السيف في الوغى … بأمضى شباً منهم، ولا هو أرهف
إذا هتف الداعي بهم يومَ من دمِ الـ … ـفوارس أفواه الضبا تترشف
أجابوا ببيض طائعاً يقف القضا … إلى حيث شاءت مايزال يصرف
ومن تحتها الآجالُ تسري وفوقَها … لواء من النصر العزيز يرفرف
لهم سطوات تملأ الدهر دهشة … وتنبث منها الشمُّ والأرض ترجف
عَجِبتُ لقوم مِلءُ أدراعهم رَدى ً … ومِلء ردائيهم تُقى ً وتعفّف
يغولهم غُولٌ المنايا وتغتدي … بأطلالهم ريحُ الحوادثِ تَعصِفُ
كرامٌ قضوا بين الأسنّة والضُبا … كراماً ويوم الحرب بالنقع مسدف
هداة أجابوا داعي الله فاتهى … بهم لقصور من ذرى الشهب أشرف
فما خلت في صرف القضا يصرع القضا … وأنَّ جبالَ الحتف بالحتف نُنسف
بنفسي رؤوساً من لوي أنوفها … عن الضيم مُذ كان الزمان لتأنفُ
أبت أن تشم الضيم حتى تقطعت … بيومٍ به سمر القنا تتقصّف
وما ناءت الأطوادُ في جبروتها … فكيف غدا فيها ينوءُ مثقّف
فيا ناعياً روح الخلائق فاتشد … لقد أوشكت روح الخلائقِ تَتلف
وأيقن كل منهم قام حشرة … كأنك تنعى كل حي وتهتف
ويا رائد المعروف جُذّت أُصولُه … وياطالب الأحسان لا متعطف
ويأساً بني الآمال أن ليس مفضل … عليهم وقلبٌ بالأسى ليس يُتلف
فيا ظلة السارين إن غاب نجمهم … لقد خبطوا في قفرة ٍ وتعسّفوا
ويالصباح الدين يوم تكورت … شموس الهدى من أفقه فهو مسدف
ويالبني عدنان يوم زعيمها … غدت من دماه الشرفية تنطف
لتلقى الجياد السابقات عنانها … فليس لها بعد الحسين مصرف
وتبك السيوفُ المشرفياتُ أغلباً … لها بنفوس الشوس في الروع يتحف
فيصدرها ريانة من دمائهم … ويوردها ضمآنة تتلهّف
وتنعى الرماحُ السمهريّات قسوراً … لها بصدور الدارعين يقصّف
فلله من خطب له كل مهجة … يحق من الوجد المبرح تتلف
وأقسم ماسن الشلال سوى الألى … على أمة المختار بغياً تخلفوا
فيومٌ غدوا بغياً على دارِ فاطمٍ … أتت جندهم بالغاضرية تزحف
وقتل ابنِها من يوم رُضت ضلوعها … ومن هتكها هتك الفواطِم يُعرف
ومن يوم قادوا حيدر الطهر قد غدوا … بهنَّ أُسارى شأنهنَّ التلهّف
فمن مخبر المختار أن بقية … الأله الفتى السجاد بالقيد يرسف
ومن مبلغ الزهراء أن بناتها … عليها الرزايا والصائبُ عكَّف
تطوف بها الأعداء في كل بلدة … فمن بلد أضحت لآخر تقذف
غذا رأت الأطفال شعثاً وجوهها … وألوانها من دهشة الرزء تخطف
تَعالَى الأسى واستعبرت ومن العِدى … حذاراً دُموع المقلتين تكفكف
بنفسي النساء الفاطميات أصبحت … من الأسر يسترثفن من ليس يرأف
ومُذ أبرزوها جهرة ً من خدورها … عشية لاحام يذود ويكنف
توارت بخدرٍ من جلالة قدرها … بهيبة أنوار الأله يسجف
لقد قطّع الأكبادَ حزاً مصابُها … وقد غادر الأحشاءَ تهفو وترجف
إليكم بني الزهراء زهر بدايع … تطرز في حسن الرجاء وتفوف
وإنّي فيها أرتجي يوم محشري … بقربي منكم سادتي أتشرف
عليكم صلاة الله ماحن طائر … بوكرٍ وما دامت مِنى ً والمخيّف