على رسلكم رسل المحابر والقلم – ابن شهاب

على رسلكم رسل المحابر والقلم … رويداً فمن شم الذرى تحسن الشيم

قفوا ريثما أملي عليكم رسالة ً … إلى كل ندب من ذوي المجد والكرم

منزّهة عن وصف شاد وشادن … ومشغولة عن ذكر سلمى وذي سلم

مبرّأة عن ريبة في حديثها … ومارّ بها فيما يقول بمتّهم

مشمّرة عن ساعد الصدق لم تزل … على قنّة الانصاف منشورة العلم

مجرّدة عضب الحمية حامياً … حمى الشرف السامي الذي جلّ أن يذم

مقلّدة بالنصر مقرونة به … ومن ينتصف من ذي عقوق فما ظلم

مبرهنة عقلاً ونقلاً على الذي … حوت نحلة القس الطريدة من زعم

فبعداً لها من نحلة درها غداً … صديداً وخبث الدر من رعيها الوخم

صحيفة سوء أودعت في سطورها … أساطير زور أو خزعبلة تكم

فما وجدت من شاطئ العلم بلّة … وفي مهيع الآداب ليس لها قدم

تَخَبَّطُ في منقولها ومقولها … وعند العمى الأنوار سيَّان والظلم

أتت تتهادى في ملابس خزيها … وتسحب أذيال الفجور إلى الأمم

أضربها ما بين ضراتها الخنا … ودّبج فودي رأسها الشيب والهرم

فما سامها في نفسها ذو مروءة ٌ … ولا نفقت في سوق بيع ولا سلم

أيرضى أبِيٌ أن يظل مطالعاً … لطلعة زلاَّ بنت أجدع ذي صلم

وإن تك غرت ذا حجى بصقالها … قديماً فقد يستسمن المرء ذا ورم

تحاكي مخازيها شمائل شيخها … ومنشئها أعمى البصيرة والأصم

ولا عجب بنت اللئيم لئيمة ٌ … إذ اللوم خال وابن خال لها وعم

تعرّض فيها يا غبي جراءة … بذكر أمير المؤمنين ولي النعم

لقد رمت رمي البدر في أفق السما … وهيهات أين البدر ممن رمى وهم

أما في تمنّي المستحيل دلالة … على خبل العقل الملوّث بالوهم

بفيك الحصى ممن عنت لجلاله … وطاعته عرب البسيطة والعجم

خليفة دين الله مأمونه على … حمى القبلتين القدس والمأمن الحرم

بذكراه تهتز المنابر عندما … عليها اسمه يتلى وتقوى به الهمم

تفرع من جرثومة الملك راقياً … معارج من كل الملوك لهم خدم

هو الطود للدنيا وللدين مانع … ينال الأماني من بذروته اعتصم

إذا ما ملوك الأرض همّوا لمفخر … تقدمهم عبد الحميد له وأم

وإن تكن الحرب الأخيرة لم تدر … له فسجال الحرب سنة من قدم

ولو هتفت أنباء دعوته بمن … بما دان دانوا للذمار وللذمم

لطارت قلوب الروس من خوف بأسهم … وعادت على الأعداء دائرة النقم

ولا بدّ من يوم أغرّ محجل … سيلقون حتى يقرعوا السن من ندم

خذوا حذركم أهل الصّليب لموقف … يؤول به أمر الصليب إلى العدم

بجيش ترون البر من فتكاته … كلجي بحر أو كداج من الظلم

جحاجحة من آل عثمان ما لهم … بغير المعالي أو يموتوا هوى وهم

إذا غشيتكم دِيمَة ٌ من سحابهم … يُرَى من نجا منكم كجافلة الغنم

وقد فعلت آباؤهم وجدودهم … بأجدادكم ما اللوح يروي عن القلم