على ثراك غوادي الصبح تنهمر – إبراهيم اليازجي

على ثراك غوادي الصبح تنهمر … يا راحلاً تحت ظل الله يستتر

جرحت بعدك أكباداً بسهم أسى … في كل جفن لماضي نصله أثر

مناحة تحت جنح الليل قائمة … بها الأصيل خضيب الذيل والسحر

ومأتم بطباق السحب متصل … حق على عبرات السحب تنفجر

استودع الله عصناً مال منكسراً … فمال كل فؤاد وهو منكسر

هبت عليه من الأقدار عاصفة … راحت بها جمرات الحزن تستعر

كأن ما جف من أمواه نضرته … أمسى عليه من الأجفان ينحدر

قد ساروا اسفا عنا بلا ثمر … فليس إلا الأسى من بعده ثمر

طال النواح له من كل ذي كبد … حرى تذوب التياعاً حين يذكر

وكل باك هشيم الوجه بعد فتى … بالدود بات هشيماً وجهه النضر

يا رحمة الله حلى في ثرى قمر … قد ارتدى بالدجى من أجله القمر

ويا غمائم زوريه محييه … وجهاً له كان يستسقى به المطر

ريان ضمن منه اللحد جوهرة … لاقت بأمثالها من دمعنا الدرر

يا قبر جرجس من ترب ومن حجر … ما أنصف البدر ذاك الترب والحجر

ولا قضيب النقا تذوي معاطفه … في قفرة بمياه الدمع تزدهر

ويلاه من سطوات البين فاتكة … بكل نفس فلا تبقي ولا تذر

بات الشباب رخيصاً في نواظره … ولم يوقر لديه الشيب والكبر

يا من صبرت لطول السقم عن جلد … من أين صبر قلوب فيك تنفطر

ما كان أعظم ما قاسيت من ألم … وأنت في الشكر تمسى حيث تبتكر

طابت به منك نفس برة علمت … بأن عقباه في دار البقاء الظفر

كفيت فيها بلا الدنيا وشدتها … ممتعاً بنعيم ما به كدر

تصبروا يا بني فياض بعد فتى … أمضى به وبنا أحكامه القدر

يعز والله عندي أن أعزيكم … عنه ودمع جفوني فيه منتثر

أولى الخطوب بأن تدمى القلوب به … لو كان يقضى بأن تدمى لنا وطر

وإنما نحن في أرض إذا اعتبرت … ليست سوى مأتم ناحت به البشر

في كل يوم أناس فوقها فجعوا … على أناس طوتهم تحتها الحفر

بئس الحياة التي ما زال واردها … يمازج الورد في كاساته الصدر

حالان إحداهما مملوءة خطراً … مما يليها وأخرى فاتها الحذر