علل حشاي بذكر ذاك المنزل – إبراهيم اليازجي
علل حشاي بذكر ذاك المنزل … وأعد أحاديث الزمان الأول
وأعذر إذا ابتدرت سوابق أدمعي … طرباً وحل الوجد عقد تجملي
زمن به خلفت أيام الصبى … وتركت طيب لذاذتي وتغزلي
ايام تخدمنا المنى منقادة … وأخو الهوى في الربع يمرح كالخلي
يجري على متن الأغر وكم له … في الحي من يوم أغر محجل
في عصبة تخذوا الصابة مذهباً … لهم وعافوا مذهب المتبذل
وردوا الكؤوس فأريحي للندى … منهم ومهتز لذكر القسطل
يفتن منشدهم فتحسب لقظه … من كأسه وبيانه السحر الجلي
وكأنما يملي السليم قصيدة … فالقوم بين مكبر ومهلل
الناظم المعنى الدقيق كأنه … أسلاك در بالجمان مفصل
ماضي الجنان إذا أفاض حسبته … يتلو عليك صحيفة المترسل
وإذا جرى فوق الطروس يراعه … فوميض برق في سحاب مسبل
متوقد الأفكار لو بزت لنا … في الليل أغنت عن ضياء المشعل
قلب من الأشياخ يحمله فتى … غص الشبيبة مثل حد المنصل
ولرب قادمة علي بلطفها … أحيت فؤادي حين مست أنملي
غيداء مرسلة النقاب وراءه … وأمامه نفحات عرف المندلي
وافت بآثار الحبيب وطالما … وافى إلي بها نسيم الشمأل
حسناء ناحلة القوام لقيته … من عطف عاشقها السقيم بأنحل
قابلتها فرددت طرفي بعدما … طفحت علي شؤون دمعي المرسل
شكت الفراق فهيجت عندي شجاً … أمسى عن الشكوى وعنها مذهلي
يا من نأى عني وبات خياله … في طي قلب عنه لم يترحل
بيني وبينك للمودة ذمة … قطعت من الغمرات كل مؤمل
فصلت منازلنا البحار وقطرة … منهن بين قلوبنا لم تدخل
ولقد وقفت على ودادك مهجتي … وتصرفي في الوقف غير محلل
وعذرت نفسي في هواك لأنني … أوردتها في الحب أعذب منهل
وأنا الذي ألف الهوى وأذاعه … من حيث بات عن الملام بمعزل
أسألت ما قد مر من أيامنا … عما يكون من الزمان المقبل
الله أكبر كل حال دونها … أجل وصرف الدهر غير مؤجل
فأعز ما صادفت يوم مسرة … والله يعلم بعد ذلك ما يلي