عرَّفت ناسكة ً ذاتُ اللمى – حيدر بن سليمان الحلي

عرَّفت ناسكة ً ذاتُ اللمى … فرنت فاتكة ً في أضلعي

ولكم بالهدب راشت أسهما … فرمت شاكلِتي صبري معي

أنشقتني يومَ جمع عَرفَها … وعلى الخفيفِ حَمتني رشفَها

كحلَ الحسنُ لسحرٍ طرفَها … ما رنت للصبِّ إلاّ أقسما

ما كذا ترنو ضباءُ الأجرعِ … والغواني تَدّعي السحرَ وما

غادة ٌ أَقتَلُها لي كلُّها … مثلَ ما أحي لقلبي وصلُها

ذاتُ غنجٍ قد سباني دلُّها … طرقت وهناً فقالت أجرما

إذ رأتني بائتاً في الهجَّعِ … ونعم يا ريمُ طرفي هوَّما

دُمية ٌ نشرٌ الخزامى نشرُها … بفُتاتِ المسكِ يزري شعرُها

كم ليالٍ هي عندي بدرُها … قابلت فيهنَّ مرآة َ السما

بمحيّاها فقيل انطبعي … هي والظبية ُ من وادٍ كما

كلَّما ورَّد خديها الخجل … قطفت ذيّالك الوردَ المُقل

لا تسل عنيّ وعنها لا تسل … وقفت فاستوقفتني مسقما

وأفاضت فأفاضت أدمعي … عجباً راقبتُ فيها الحَرَما

كم قضت في سعيها من منسك … ما أضاعت فيه إلاّ نُسُكي

فلقد عدتُ بقلبٍ مُشركِ … في الهوى يعبدُ منها صنما

فهو في اللاّهين لا في الركّع … ظلّة يقرأ ـ قُل مَن حرَّما

لست أنسى بالمصلَّى موقفا … فيه يُرجى العفو عمَّا سَلفا

فبدت أحلا الغواني مَرشفا … تجرح النسكَ بلحظٍ إن رمى

سهمَه قَرطَسَ قلبَ الورع … وانثنت تطعنُ بالحجِ بما

يا سقى اللهُ ضحيّاتِ النقى … وكَساها الررضُ وشياً مونقا

كم أرت عينيَ وجهاً مُشرقاً … وجلت لي من فتاة ٍ مبسما

عن شتيتٍ واضحٍ ملتمع … فدعى دمعي ولكن رخمّا

عجبت حين بدت في تربها … ورأتني بين صرعى حبِّها

ثمَّ قالت للّتي في جنبِها … هل وصلنَ الغيدُ قبلي مغرما

وسوى الشيبِ له لم يشفعِ … سُنَّة ٌ ما عَمِلت فيها الدُمى

لا ومن أودع في خصري النُحول … ورمى نرجِسَ جفني بالذبول

لستُ أُحيي أشيباً واسمي قَتول … للذي ماءُ الصبا فيه نما

غصنه من ناشىء أو يَفِعِ … كلَّما استقطرتُ منه اللَّمما

قلتُ يا سالبتى طيبَ الوَسن … ما لمن تُصبي المُعنَّى والسُنن

فصلي الصبَّ الذي فيكِ افتتن … واجعلي وصلَك في هذا الحمى

بدعة ً جاءت كبعض البِدعِ … وأَلّمي كخيالٍ سَلّما

مَن رأى خدّيكِ قال العجبُ … كيفَ في الماءِ يشعُّ اللَهبُ

والتي طاب أبوها العنبُ … بالذي أودعها منكِ الفما

وبهِ حلّت بحلا موضعِ … ما الذي مَن يرتشفه أَثِما

وحديثٌ تتهاداه الربى … طاب نشراً بين أنفاسِ الصَبا

عن بشيرٍ جاء يطوي السبسبا … تأرجُ البشرى عبيراً أَينما

حلَّ في الأربُعِ بعد الأربع … شعب شملَ العُلى فالتأما

فأدر يا صاحبي كأَسَ الطرب … واطرّح في كأَسِها بنتَ العنب

قُم فشاركني بما سرَّ الحسب … بَشِّرِ المجدَ وَهنَّ الكَرما

وعلى هذا إلهنا باكِرْ معي … قد تجلَّى كلُّ أُفقٍ أَظلما

زُهرُ مجدٍ زَهَر المجدُ بهم … لا خلت أفلاكُه من شُهبِهم

كلّما خفَّ الهوى في صَبِّهم … وعلى المسرى إليهم عَزَما

ثَقُلت نهضتُه في المربع … في أمور طاريات كلّما

لكَ يا عبدَ الكريمِ الفَرحُ … وُلحسادّكَ ذاك الترح

وَصَفت لابن أخيكَ المنحُ … مصطفى المجدِ بأزكى من نما

شرفٌ سامٍ لمجدٍ أرفع … كبدورِ التمِّ تنضو اللثُما

قَرَّ طرفُ الفخرِ منها بالحسن … ذاك من قرَّت به عينُ الزمن

شخصُه والدهرُ روحٌ وبدن … فحياة ُ الدهرِ لمّا قَدِما

رجعت للناس أحلا مَرجعِ … ما براه الله إلاّ عيلما

ردَّ في صدرِ المعالي قلبَها … ولأفلاكِ المساعي قُطبَها

والقوافي سبَّحته ربَّها … وأتت تهدي إليه أنجما

ما حواها فلكٌ في مَطلعِ … دُرَراً وهي تُسمى كَلِما

شهدت للمجدِ أبهى محفل … فادّعت فخراً وقالت: هو لي

أيّها القالة ُ مثلي فَصلّي … من فريدِ المدح ما قد نُظِما

ثمَّ يا صاغة ُ مثلي رصّعي … أو فكفّي وأريحي القلّما

هذه الأفناءُ أفناءُ الشرف … مُنتدى الآدابِ فيها والظرف

لم يزل للمدح فيها معتكَف … مَن يَرد يهدي إلى هذي السما

يلتقط من هذه الزهرِ معي … ما وعاها الدهرُ إلاّ مغرما

دار مجدٍ مصطفى الفخرِ بها … كأَبيه حلمُه من هُضبِها

فالورى في شرقِها أو غربِها … كلُّها تلحظُ منه عَلَمَا

شامخاً هضبته لم تطلعِ … خيرُها مجداً وأعلى منتما

طاوَلَ الأمجادَ حتى ابتدرا … غاية ً جازَ إليها القمرا

وغدا جُوداً يُمير البشرا … بيدٍ أخجلَ فيها الدِيما

قائلاً: يا أيّها السحب اقلعي … ما أتاه الوفدَ إلاّ كرما

يا عرانينَ المعالي والشرف … لكُم أهديتُها أسنى التحف

ولكم تُجلى عروساً وتُزف … فلها البشرُ بكم زهواً كما

لكم البشرُ بها في المجمعِ … والبسوا الأفراح ثوباً مُعلَما