عجباً سمرتُ بذكر غيرِ مسامرِ – حيدر بن سليمان الحلي

عجباً سمرتُ بذكر غيرِ مسامرِ … وسهرتُ فيمن ليس فيَّ بساهر

ولأجلِ أن يجتازَ بين محاجري … “ناديتُ مَن سَلب الكرى عن ناظري

ودعوتُ: دونَكِ يا صبا بحياتِه … عتباً نسيمُكِ كان خيرَ رواته

فاستخجلي ليَ في شذا نفحاته … “مَن أخجل الغزلاَن في لفتاته؟

هبني أقولُ وما أسأتُ مقالة ً: … يا تاركاً مني الدموعَ مُذالة ً

أرأيتَ قبلك إذ هجرتَ ضلالة َ … مَن مالَ عني واستقلَّ ملالة َ

فلو انَّ لي إذ كانَ هجرك جائحي … قلباً سواك نبوتُ نبوة َ جامح

كن كيف شئت فما هواك مُبارحي … أَمنايَ أنت القلبُ بين جوانحي

يا مَن أقامَ على الجفاء وما ارعوى … لا ترقدنَّ، مكانَ حبِّك بالجوى

فعلى سواك فؤادُ صبِّك ما انطوى … أَمناي جنَّ إليك من فرطِ الهوى

أبداً لغيرِك ما شُغفتُ بفاتنِ … وعلى الوفاءِ أقمتُ منك بضاعن

أَلهيتني عن أن أَهيمَ بشادِن … وغدا الهوى إلفي وليس، فداوني

رفقاً بصبِّ في هواَك معذَّبٍ … لك في غوير حشاه أحسنُ مَلعبٍ

يدعوك دعوة َ خائفٍ مُترقِّبٍ … هلاَّ ترقُّ لخائفٍ متجلببٍ

بالوصلِ خلتُك قد برقتَ إثابة ً … فمطرتني جَهراً وكنتَ سحابة ً

أو ما كفاك بأن أشفَّ كآبة ً … فحشاشتي ذابت عليك صبابة ً

أنا في هواك قطنتَ أو لم تقطنِ … كلفٌ حسنتُ لديك أو لم أَحسن

يا ثالث القمرين صِل وتبيَّن … إن كنت فرداً في الجمال فإنني

وانظرُ لنفسكِ إن أردت تحوُّلاً … أيليقُ غير حُشاشتي لك منزلا

أنت المُنيرُ السعدُ شمس ضُحى الملا … وأنا الأثيلُ المجد بدرُ سما العَلا

من دوحة ٍ بالمجدِ طابَ نماؤُها … لبني الزمانِ مظّلة ٌ أفياؤُها

أنا مَن عليه تجمَّعت أهواؤها … وإذا الملا اضطربت بها آراؤُها

أوضحتُ مُشكلها بأوّلِ نظرة ٍ … وفتحتُ مُقفَلها بأوّلِ خَطرة ٍ

مازلتُ مُذ ظلَّ الأنامُ بحيرة ٍ … أهديهم نهجَ الصوابِ بفكرة ٍ

شَهِدت ليَ الدنيا غداة َ أتيتُها … أنَّي نهضتُ لأهلِها فكفيتُها

فإذا بها التوتِ الخطوبُ لويتُها … وإذا السنونُ تتابعت أوليتُها

وإذا القنا انتظمت نثرتُ عقودَها … بيدٍ تحلُّ طلا العدى وبنودَها

وإذا الظُبا ازدحمت ثنيتُ حدودَها … وإذا الوغى استعرت أذقتُ أُسودها

ألقى الوفودَ بطلعة ٍ ميمونة ٍ … ويدٍ بربحِ ثنائَها مفتونة ٍ

تثني العدى في صفقة ٍ مغبونة ٍ … بأسنّة ٍ خطيّة ٍ مسنونة ٍ

حاربتَ بالهجرانَ من لك سالمَا … حتّى كأَنّا كاشحانِ تظالما

بك لستُ لا وأبيكَ أعذرُ عالما … «فلئن وصلتَ أخا الهوى فلطالما

أفبعد صدقِ مودَّة ٍ لم تمننِ … تجفو وتُكذِبُ ظنَّ من لم يظنن

فلئن لحظتَ فأنتَ عينُ المحسن … «ولئن أقمتَ على الجفاء فإنّني

متحرِّكٌ شوقي بمن هو ساكنٌ … أدعوهُ وهو مع التجنّبِ بائن

أين المودّة ُ فالوفاءُ معادن؟ … فأجابني خجلاً ودادُك كامن

شوقي لوصلِك يا بن أكرم ماجدٍ … صلتي إليكَ وأنت أكرمُ عائدِ

فأمالني لهوى َ به استأنفته … عَوداً على بدءٍ عليه ألفتُه

والصدقُ فيما يدّعيهِ عرفتُه … «فلثمتُه في فيهِ ثمَّ رشفتُه

ودعوتُ وصلَك في نهاية بُغيتي … فلقد حفظتُ عليَّ فيه بقيَّتي

بشرايَ فزتُ بمن يُشاقُ لرؤيتي … «وطفقتُ أنشدُ: نلتُ غاية منيتي