عاذِلي لو شئتَ لمْ تلمِ – دعبل الخزاعي
عاذِلي لو شئتَ لمْ تلمِ … إِنَّ سَمْعي عَنْكَ في صَمَمِ
فارضَ منْ سرّي علانيتي … أَنِفَتْ مِن رَفضِها شِيَمي
فارْعَ سَرْحَ اللَّهوِ مُغْتَدِياً … غيرَ مستبطٍ ولا سئمِ
وأقمْ بالسُّوس معتكفاً … كاعتكافِ الطيرِ بالحرمِ
واشْرَبِ الراحَ التي حُجبَتْ … عنْ عيونِ الدهرِ بالختمِ
نارُها شَمْسٌ ومَشْرَبُها … صَيِّبٌ، مِن واكِفٍ سَجِمِ
فدعا صنوانَها لقحٌ … لَم يَكُنْ حَملاً على عٌقُمِ
وانُثَنَتْ أَفياءُ نَبْعَتِها … عنْ نباتٍ سالَ كالجمِ
بعناقيدٍ معثكلة ٍ … كشُعورِ الزِّنْجِ في الحمَم
وَدَعاها الطَّلْقُ فانفَطَرَتْ … لِولادٍ لَيْسَ في الرَّحم
فَتَهادَتْها ثَمودُ إِلَى … قومها منْ وارثي إرمِ
وتخطَّتها العصورُ فلوْ … نَطَقَتْ في الكأسِ بالكَلِمِ
ثمَّ أدَّتْ كلَّ ما شهدتْ … منْ قرونِ النّاسِ والأممِ
فاقتنتها فتية ٌ سمحٌ … منْ أناسٍ سادة ٍ هضمُ
فاسْتَنارَتْ في أَكُفِّهِمُ … كسنا النيرانِ في الأجمِ
لأَجَابَتْ عَنْ ولادتِها … فمتى أنزلْ بها أقمِ
فِي نَواحي هَيكلٍ أَرِجٍ … عاكفاً فيهِ على صنمِ
نقشتْ بالحسنِ صورتهُ … مِن ذُرَى قَرْنٍ إِلَى قَدَمِ
فإذا سَكَّنْتَ رَوعَتَهُ … وَرَعَى في مُقْلَتَيهِ فَمي
عادَ لي قُطْبُ السُّرُورِ كما … كنتُ معتاداً على القدمِ