عاجت أصيلا بالرياض تطوفها – جبران خليل جبران

عاجت أصيلا بالرياض تطوفها … كمليكة طافت معاهد حكمها

حسناء أمرها الجمال فأنشأت … في ايكها الأطيار تخطب باسمها

والحسن أكمل ما يكون شبيبة … في بدئها وملاحة في تمها

سترت بأخضر سندسي جيدها … فحكى المحيا وردة في كمها

وتمايلت في ثوب خز مورق … غصنا وهل للغصن نضرة جسمها

فإذا دنت في سيرها من زهرة … همت بأخذ ذيولها وبلثمها

أو جاورت فرعا رطيبا لينا … ألوى بمعطفه ومال لضمها

وتحف أبصار بها فيخزنها … بحيائها ويشكنها في وهمها

كالنحل طفن بزهرة فلسعنها … ورشفن منها ما رشفن برغمها

حتى إذا حلى العياء جبينها … بندى وأخمد جمرة من عزمها

جلست تقابل أمها وكأنما … كلتاهما جلست قبالة رسمها

لكن عاصفة أغارت فجاة … بالهوج من لدد الرياح وقتمها

فاهتزت الغبراء حتى صافحت … عذبات سرحتها منابت نجمها

وتناثرت صفر الفتاة غمائما … سترت عن الأبصار طلعت نجمها

فتحيرت فيما تحاول وهي قد … أعيت بلا مرآتها عن نظمها

فدنت تحاذي أمها وتناظرت … بعيونها وجلت سحابة همها

كذا الفتاة إذا ابتغت مرآتها … فتعذرت نظرت بعيني أمها