ظبيٌ رأى صورتهْ في الماء – أحمد شوقي

ظبيٌ رأى صورتهْ في الماء … فرفع الرأْسَ إلى السماءِ

وقال يا خالِقَ هذا الجيدِ … زنهُ بعقدِ اللؤلؤ النَّضيدِ

فسمعَ الماءَ يقولُ مفصحا … طلبْتَ يا ذا الظَّبْيُ ما لن تُمنَحا

إنّ الذي أعطاكَ هذا الجيدا … لم يُبق في الحسنِ له مَزيدا

لو أن حسنهُ على النحورِ … لم يخرج الدُّر من البحورِ

فافتتَن الظبيُ بِذِي المقالِ … وزادهُ شوقاً إلى اللآلي

ولم يَنلهُ فمُهُ السقيمُ … فعاش دهراً في الفَلا يَهيم

حتى تَقضَّى العمرُ في الهُيامِ … وهجْرِ طِيبِ النَّومِ والطعام

فسارَ نحو الماءِ ذاتَ مرهْ … يَشكو إليه نفعَهُ وضرَّه

وبينما الجارانِ في الكلام … أقبلَ راعي الدَّيرِ في الظلام

يتبعه حيثُ مشى خنزيرُ … في جِيدِهِ قِلادة ٌ تُنير

فاندفع الظبيُ لذاكَ يبكي … وقال من بعدِ انجلاءِ الشكِ

ما آفة ُ السعيِ سوى الضلالِ … ما آفهُ العمرِ سوى الآمال

لولا قضاءُ الملكِ القدير … لما سعى العقدُ إلى الخنزير

فالتفتَ الماءُ إلى الغزال … وقال: حالُ الشيخِ شرُّ حال

لا عَجَبٌ، إن السنينَ مُوقِظهْ … حفظتَ عمراً لو حفظتَ موعظهْ