طَلائِعُ شَيبٍ سَيرُ أَسرَعِها رَسلُ – صريع الغواني

طَلائِعُ شَيبٍ سَيرُ أَسرَعِها رَسلُ … يُرِدنَ شَبابِيَ أَن يُقالَ لَهُ كَهلُ

نُجومٌ هِيَ اللَيلُ الَّذي زالَ تَحتَها … تَفارَطُ شَتّى ثُمَّ يَجمَعُها أَفلُ

فَإِن تُبقِني الأَيّامُ تَجنُبُني العَصا … وَإِن تُفنِني فَكُلُّ حَيٍّ لَها أَكلُ

وَما ذَمّيَ الأَيّامَ أَن لَستُ حامِداً … لِعَهدِ لَياليها الَّتي سَلَفَت قَبلُ

أَجارَتَنا ما في فِراقِكِ راحَةٌ … وَلَكِن مَضى قَولٌ فَأَنتِ بِهِ بَسلُ

فَبيني فَقَد فارَقتِ غَيرَ ذَميمَةٍ … قَضاءٌ دَعانا لِلقَطيعَةِ لا الخَتلُ

أَما وَاِغتِيالُ الدَهرِ خَلَّةَ بَينَنا … لَقَد غالَ إِلفاً ساكِناً بِهِمُ الشَملُ

فَما بي إِلى مُستَطرَفِ العَيشِ وَحشَةٌ … وَإِن كُنتُ لا مالٌ لَدَيَّ وَلا أَهلُ

بِنا لا بِكِ الأَمرُ الَّذي تَكرَهينَهُ … أَتى الحِلمُ بِالعُتبى وَقَد سَبَقَ الجَهلُ

فَلا شَوقَ إِنَّ اليَأسَ أَعقَبَ سَلوَةً … سَواءٌ نَوى مَن لا يُراجَعُ وَالثُكلُ

عَلَيكِ سَلامٌ لا تَحِيَّةَ ذي قِلىً … حَلا بَعدَكِ العَيشُ الَّذي كانَ لا يَحلو

أَلا رُبَّ يَومٍ صادِقِ العَيشِ نِلتُهُ … بِها وَنَدامايَ العَفافَةُ وَالبَذلُ

عَشِيَّةَ آواها الحِجابُ كَأَنَّها … خَذولٌ مِنَ الغِزلانِ خالِيَةٌ عُطلُ

لَعَمرُ اِبنِها لَولا اِحتِراقُ الحَشا لَهُ … لَماتَ الجَوى أَو لَاِستُفيدَ بِها مِثلُ

سَلَوتُ وَإِن قالَ العَواذِلُ لا يَسلو … وَأَقسَمتُ لا يَرقى إِلى سَمعِيَ العَذلُ

وَبايَنتُ حَتّى صِرتُ لِلبينِ راكِباً … قَرى العَزمِ فَرداً مِثلَ ما اِنفَرَدَ النَصلُ

سَعَت أَلسُنُ الواشينَ فيما يَعيبُني … وَهَل كُنتُ إِلّا ماجِداً عابَهُ وَغلُ

وَكَم عائِبٍ لي وَدَّ أَنّي وَلَدتُهُ … وَلَو كَرُمَت أَعرافُهُ وَزَكا الأَصلُ

وَأَنّي قَصِيُّ الرِحمِ مَجدي لِغَيرِهِ … فَعابَ وَما آلى وَمِن دونِهِ سَدلُ

جَزَأتَ عَنِ الفَضلِ الحَميدِ وَقَلَّصَت … لِنابَيكَ في المَرعى مَشافِرُكَ الهُدلُ

فَأُقسِمُ لَولا حاجِزُ الوُدِّ بَينَنا … وَكانَ مَعَ العُتبى المَوَدَّةُ وَالوَصلُ

وَأَنمُلَةٌ قَدَّمتَها لَكَ لا يَدٌ … لَساءَكَ مِنّي ما سُرِرتَ بِهِ قَبلُ

هَبَلتُكَ حَيّاً لَم تُصِبكَ مَنِيَّةٌ … خَلا أَنَّ وُدّاً ماتَ لَيسَ لَهُ عَقلُ

فَمَهلاً أَما لي مَذهَبٌ عَنكَ واسِعٌ … مُوَطَّأَةٌ في كُلِّ وَجهٍ لَهُ السُبلُ

أَلا رُبَّما اِقتَدتُ الرَجاءَ إِلى المُنى … بِوَعدِكَ حَتّى يَستَبِدَّ بِهِ المَطلُ

وَأَبتَعِثُ الآمالَ ثُمَّ أَرُدُّها … إِلَيكَ لِيَومٍ ما وَمَضرِبُها مَحلُ

فَلا سَلِمَ حَتّى تَستَقيدُ إِلى الرِضى … وَيَحتَرِشُ الغِلَّ المَوَدَّةُ وَالبَذلُ

لَعَمري لَقَد أَعطَيتَ لِلجودِ أُهبَةً … ثَراءً وَهَل يَجري إِذا أُضمِرَ البَغلُ

وَقَفتُ لِساني عَنكَ وَالقَولُ مُفصِحٌ … وَما بِالقَوافي عَنكَ لَو أُهمِلَت مَهلُ

عَليكَ سَلامٌ لَم أَقُل فيكَ ريبَةً … وَلَكِن ثَناءً كانَ أَفسَدَهُ البُخلُ